Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 45-45)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا } أي على النار لأنها عذابهم فكنى عن العذاب المذكور بحرف التأنيث لأن ذلك العذاب هو النار ، وإن شئت جهنم ، ولو راعى اللفظ لقال عليه . ثم قيل : هم المشركون جميعاً يعرضون على جهنم عند انطلاقهم إليها قاله الأكثرون . وقيل : آل فرعون خصوصاً ، تُحبس أرواحهم في أجواف طير سود تغدو على جهنم وتروح فهو عرضهم عليها قاله ابن مسعود . وقيل : إنهم عامة المشركين ، تعرض عليهم ذنوبهم في قبورهم ، ويعرضون على العذاب في قبورهم وهذا معنى قول أبي الحجاج . { خَاشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ } ذهب بعض القراء إلى الوقف على « خَاشِعِينَ » . وقوله : « مِنَ الذُّلِّ » متعلق بـ « ـيَنْظُرُونَ » . وقيل : متعلق بـ « ـخَاشِعِينَ » والخشوع الانكسار والتواضع . ومعنى { يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ } أي لا يرفعون أبصارهم للنظر رفعاً تاماً لأنهم ناكسو الرؤوس . والعرب تصف الذليل بغَضِّ الطرف ، كما يستعملون في ضدّه حديد النظر إذا لم يُتَّهم بريبة فيكون عليه منها غضاضة . وقال مجاهد : « مِنْ طَرْفٍ خَفيٍّ » أي ذليل ، قال : وإنما ينظرون بقلوبهم لأنهم يُحشرون عمياً ، وعين القلب طرفٌ خفِيّ . وقال قتادة والسدّي والقُرَظِيّ وسعيد بن جبير : يسارقون النظر من شدّة الخوف . وقيل : المعنى ينظرون من عين ضعيفة النظر . وقال يونس : « مِن » بمعنى الباء أي ينظرون بطرف خفي ، أي ضعيف من الذل والخوف ، ونحوه عن الأخفش . وقال ابن عباس : بطرف ذابل ذليل . وقيل : أي يفزعون أن ينظروا إليها بجميع أبصارهم لما يرون من أصناف العذاب . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } أي يقول المؤمنون في الجنة لما عاينوا ما حلّ بالكفار إن الخسران في الحقيقة ما صار إليه هؤلاء ، فإنهم خسروا أنفسهم لأنهم في العذاب المخلّد ، وخسروا أهليهم لأن الأهل إن كانوا في النار فلا انتفاع بهم ، وإن كانوا في الجنة فقد حيل بينه وبينهم . وقيل : خسران الأهل أنهم لو آمنوا لكان لهم أهل في الجنة من الحور العِين . وفي سنن ابن ماجه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما منكم من أحد إلا له منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله فذلك قوله تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ } [ المؤمنون : 10 ] " وقد تقدّم . وفي المسند الدّارِمِيّ عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أحد يدخله الله الجنة إلا زوّجه اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين وسبعين من ميراثه من أهل النار وما منهنّ واحدة إلا ولها قُبُلٌ شهِيّ وله ذكر لا ينثني " قال هشام بن خالد : « مِن ميراثه من أهل النار » يعني رجالاً أدخلوا النار فورث أهل الجنة نساءهم كما ورثت ٱمرأة فرعون . { أَلاَ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ } أي دائم لا ينقطع . ثم يجوز أن يكون هذا من قول المؤمنين ، ويجوز أن يكون ابتداء من الله تعالى .