Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 51-51)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه مسألتان : الأولى قوله تعالى : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً } سبب ذلك " أن اليهود قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم : ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبيًّا كما كلّمه موسى ونظر إليه فإنا لن نؤمن لك حتى تفعل ذلك . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن موسى لم ينظر إليه » " فنزل قوله : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً } ذكره النقاش والواحدي والثعلبي . { وَحْياً } قال مجاهد : نَفْثٌ يُنْفَث في قلبه فيكون إلهاماً ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : " إن روح القُدُس نَفَث في رُوعِي إنّ نَفْساً لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب . خذوا ما حلّ ودَعُوا ما حَرُم " { أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ } كما كلم موسى . { أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً } كإرساله جبريل عليه السلام . وقيل : « إِلاَّ وَحْياً » رؤيا يراها في منامه قاله محمد بن زهير . « أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ » كما كلم موسى . « أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً » قال زهير : هو جبريل عليه السلام . { فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ } وهذا الوحي من الرسل خطاب منهم للأنبياء يسمعونه نطقاً ويرونه عياناً . وهكذا كانت حال جبريل عليه السلام إذا نزل بالوحي على النبي صلى الله عليه وسلم . قال ابن عباس : نزل جبريل عليه السلام على كل نبيّ فلم يره منهم إلا محمد وعيسى وموسى وزكرياء عليهم السلام . فأما غيرهم فكان وحياً إلهاماً في المنام . وقيل : « إِلاَّ وَحْياً » بإرسال جبريل « أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ » كما كلم موسى . « أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً » إلى الناس كافة . وقرأ الزهري وشيبة ونافع « أَوْ يرسلُ رسولاً فيوحِي » برفع الفعلين . الباقون بنصبهما . فالرفع على الاستئناف أي وهو يرسل . وقيل : « يرسل » بالرفع في موضع الحال والتقدير إلا موحياً أو مرسلاً . ومن نصب عطفوه على محل الوحي لأن معناه وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا أن يوحي أو يرسل . ويجوز أن يكون النصب على تقدير حذف الجار من أن المضمرة . ويكون في موضع الحال التقدير أو بأن يرسل رسولاً . ولا يجوز أن يعطف « أَوْ يُرْسِلَ » بالنصب على « أَنْ يُكَلِّمَهُ » لفساد المعنى لأنه يصير : ما كان لبشر أن يرسله أو أن يرسل إليه رسولاً ، وهو قد أرسل الرسل من البشر وأرسل إليهم . الثانية احتج بهذه الآية من رأى فيمن حلف ألا يكلّم رجلاً فأرسل إليه رسولاً أنه حانث لأن المرسل قد سُمّي فيها مكلّماً للمرسَل إليه ، إلا أن ينوي الحالف المواجهة بالخطاب . قال ابن المنذر : واختلفوا في الرجل يحلف ألا يكلم فلاناً فكتب إليه كتاباً أو أرسل إليه رسولاً فقال الثَّوْري : الرسول ليس بكلام . وقال الشافعي : لا يبين أن يحنَث . وقال النَّخَعي : والحكم في الكتاب يحنث . وقال مالك : يحنث في الكتاب والرسول . وقال مَرَّة : الرسول أسهل من الكتاب . وقال أبو عبيد : الكلام سوى الخط والإشارة . وقال أبو ثور : لا يحنث في الكتاب . قال ابن المنذر : لا يحنث في الكتاب والرسول . قلت : وهو قول مالك . قال أبو عمر : ومن حلف ألاّ يكلّم رجلاً فسلّم عليه عامداً أو ساهياً ، أو سلّم على جماعة هو فيهم فقد حنث في ذلك كله عند مالك . وإن أرسل إليه رسولاً أو سلم عليه في الصلاة لم يحنث . قلت : يحنث في الرسول إلا أن ينوي المشافهة للآية ، وهو قول مالك وابن الماجشُون . وقد مضى في أول « سورة مريم » هذا المعنى عن علمائنا مستوفًى ، والحمد لله .