Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 81-82)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ } اختلف في معناه فقال ابن عباس والحسن والسُّدّي : المعنى ما كان للرحمٰن ولد ، فـ « ـإن » بمعنى ما ، ويكون الكلام على هذا تاماً ، ثم تبتدىء : « فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ » أي الموحدين من أهل مكة على أنه لا ولد له . والوقف على « الْعَابِدِينَ » تام . وقيل : المعنى قل يا محمد إن ثبت للّه ولد فأنا أوّل من يعبد ولَده ، ولكن يستحيل أن يكون له ولد وهو كما تقول لمن تناظره : إن ثبت ما قلت بالدليل فأنا أوّل من يعتقده وهذا مبالغة في الاستبعاد أي لا سبيل إلى اعتقاده . وهذا ترقيق في الكلام كقوله : { وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [ سبأ : 24 ] . والمعنى على هذا : فأنا أوّل العابدين لذلك الولد ، لأن تعظيم الولد تعظيم للوالد . وقال مجاهد : المعنى إن كان للرحمٰن ولد فأنا أوّل من عبده وحده ، على أنه لا ولد له . وقال السُّدّي أيضاً : المعنى لو كان له ولد كنت أوّل من عبده على أن له ولداً ولكن لا ينبغي ذلك . قال المهدويّ : فـ « إن » على هذه الأقوال للشرط ، وهو الأجود ، وهو ٱختيار الطبري ، لأن كونها بمعنى ما يتوهم معه أن المعنى لم يكن له فيما مضى . وقيل : إن معنى « الْعَابِدِينَ » الآنفين . وقال بعض العلماء : لو كان كذلك لكان العَبِدِينَ . وكذلك قرأ أبو عبد الرحمٰن واليماني « فَأَنَا أَوَّلُ الْعَبِدِينَ » بغير ألف ، يقال : عَبِدَ يَعْبَدَ عَبَداً بالتحريك إذا أنِف وغضِب فهو عَبِد ، والاسم العَبَدة مثل الأنفة ، عن أبي زيد . قال الفرزدق : @ أولئك أجلاسي فجئني بمثلهم وأَعْبُدُ أن أهْجُو كُلَيْباً بدارِمِ @@ وينشد أيضاً : @ أولئك ناس إن هَجَوْنِي هجوتهم وأَعْبُدُ أن يُهجي كُلَيْبٌ بدارمِ @@ قال الجوهري : وقال أبو عمرو وقوله تعالى : { فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ } من الأَنَف والغضب ، وقاله الكسائي والقُتَبي ، حكاه الماوردي عنهما . وقال الهَرَوِي : وقوله تعالى : « فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ » قيل هو من عَبِد يَعْبَد أي من الآنفين . وقال ابن عرفة : إنما يقال عَبِد يَعبَدُ فهو عَبِد وقلّما يقال عابد ، والقرآن لا يأتي بالقليل من اللغة ولا الشاذ ، ولكن المعنى فأنا أوّل من يعبد الله عز وجلّ على أنه واحد لا ولد له . وروي أن ٱمرأة دخلت على زوجها فولدت منه لستة أشهر ، فذُكر ذلك لعثمان رضي الله عنه فأمر برجمها فقال له عليّ : قال الله تعالى : { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً } [ الأحقاف : 15 ] وقال في آية أخرى : { وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } [ لقمان : 14 ] فوالله ما عَبِد عثمانُ أن بعث إليها تُرَدّ . قال عبد الله بن وهب : يعني ما استنكف ولا أنِف . وقال ابن الأعرابي : « فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ » أي الغضاب الآنفين . وقيل : « فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ » أي أنا أوّل من يعبده على الوحدانية مخالفاً لكم . أبو عبيدة : معناه الجاحدين وحكي : عَبَدَني حَقّي أي جحدني . وقرأ أهل الكوفة إلا عاصماً « وُلْد » بضم الواو وإسكان اللام . الباقون وعاصم « ولد » وقد تقدّم . { سُبْحَانَ رَبِّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } أي تنزيهاً له وتقديساً . نَزَّه نفسه عن كل ما يقتضي الحدوث ، وأمرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالتنزيه . { عَمَّا يَصِفُونَ } أي عما يقولون من الكذب .