Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 14-14)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ } جزم على جواب « قُلْ » تشبيهاً بالشرط والجزاء كقولك : قم تُصِب خيراً . وقيل : هو على حذف اللام . وقيل : على معنى قل لهم اغفروا يغفروا فهو جواب أمر محذوف دلّ الكلام عليه قاله عليّ بن عيسى وٱختاره ابن العربيّ . ونزلت الآية بسبب أن رجلاً من قريش شتم عمر بن الخطاب فهمَّ أن يبطش به . قال ٱبن العربيّ : وهذا لم يصح . وذكر الواحديّ والقشيريّ وغيرهما عن ابن عباس : أن الآية نزلت في عمر مع عبد الله بن أُبَيّ في غَزْوة بني المُصْطَلِق ، فإنهم نزلوا على بئر يقال لها « المُرَيْسِيع » فأرسل عبد الله غلامه ليستقي ، وأبطأ عليه فقال : ما حبسك ؟ قال : غلام عمر بن الخطاب قعد على فم البئر ، فما ترك أحداً يستقي حتى ملأ قِرب النبيّ صلى الله عليه وسلم وقِرب أبي بكر ، وملأ لمولاه . فقال عبد الله : ما مَثَلنا ومثل هؤلاء إلا كما قيل : سَمِّن كلبك يأكلك . فبلغ عمرَ رضي الله عنه قولُه ، فاشتمل على سيفه يريد التوجه إليه ليقتله فأنزل الله هذه الآية . هذه رواية عطاء عن ابن عباس . وروى عنه ميمون بن مِهران قال : " لما نزلت { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } [ البقرة : 245 ] قال يهوديّ بالمدينة يقال له فِنحاص : ٱحتاج ربّ محمد ! قال : فلما سمع عمر بذلك اشتمل على سيفه وخرج في طلبه فجاء جبريل عليه السلام إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : « إن ربّك يقول لك قُلْ لِلَّذِين آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِين لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ » . وأعلمَ أن عمر قد ٱشتمل على سيفه وخرج في طلب اليهودي ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبه ، فلما جاء قال : « يا عمر ، ضع سيفك » قال : يا رسول الله ، صدقت ، أشهد أنك أرسلت بالحق . قال : « فإن ربك يقول : { قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ } » قال : لا جرم ! والذي بعثك بالحق لا ترى الغضب في وجهي " . قلت : وما ذكره المهدوِيّ والنحاس فهو رواية الضحاك عن ابن عباس ، وهو قول القُرَظيّ والسُّدّي ، وعليه يتوجه النسخ في الآية . وعلى أن الآية نزلت بالمدينة أو في غزوة بني المُصْطَلِق فليست بمنسوخة . ومعنى : « يَغْفِرُوا » يعفوا ويتجاوزوا . ومعنى : « لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ » أي لا يرجون ثوابه . وقيل : أي لا يخافون بأس الله ونقمه . وقيل : الرجاء بمعنى الخوف كقوله : { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } [ نوح : 13 ] أي لا تخافون له عظمة . والمعنى : لا تخشون مثل عذاب الأمم الخالية . والأيام يعبّر بها عن الوقائع . وقيل : لا يأمُلون نصر الله لأوليائه وإيقاعه بأعدائه . وقيل : المعنى لا يخافون البعث . { لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } قراءة العامة « لِيَجْزِيَ » بالياء على معنى ليجزي الله . وقرأ حمزة والكسائي وابن عامر « لِنَجْزيَ » بالنون على التعظيم . وقرأ أبو جعفر والأعرج وشيبة « لِيُجْزَى » بياء مضموم وفتح الزاي على الفعل المجهول ، « وقَوْماً » بالنصب . قال أبو عمرو : وهذا لحن ظاهر . وقال الكسائيّ : معناه ليجزي الجزاءُ قوماً ، نظيره : { وَكَذٰلِكَ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الأنبياء : 88 ] على قراءة ابن عامر وأبي بكر في سورة « الأنبياء » . قال الشاعر : @ ولو وَلَدَتْ قُفَيْرَةُ جرْوَ كَلْبٍ لَسُبَّ بذلك الجَرْوِ الكلابا @@ أي لَسُبَّ السَّبُّ .