Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 21-21)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ } أي ٱكتسبوها . والاْجتراح : الاْكتساب ومنه الجوارح ، وقد تقدم في المائدة . { أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } قال الكلبي : « الَّذِينَ اجْتَرَحُوا » عُتبة وشَيبة ٱبنا ربيعة والوليد بن عتبة . و « الَّذِينَ آمَنُوا » عليّ وحمزة وعُبيدة بن الحارث رضي الله عنهم حين برزوا إليهم يوم بدر فقتلوهم . وقيل : نزلت في قوم من المشركين قالوا : إنهم يعطون في الآخرة خيراً مما يعطاه المؤمن كما أخبر الربّ عنهم في قوله : { وَلَئِن رُّجِّعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ } [ فصلت : 50 ] . وقوله : « أَمْ حَسِبَ » ٱستفهام معطوف معناه الإنكار . وأهل العربية يجوّزون ذلك من غير عطف إذا كان متوسطاً للخطاب . وقوم يقولون : فيه إضمار أي والله وليّ المتقين أفيعلم المشركون ذلك أم حسبوا أنا نسوّي بينهم . وقيل : هي أم المنقطعة ، ومعنى الهمزة فيها إنكار الحسبان . وقراءة العامة « سَوَاءٌ » بالرفع على أنه خبر ٱبتداء مقدّم ، أي محياهم ومماتهم سواء . والضمير في « مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ » يعود على الكفار ، أي محياهم محيا سوء ومماتهم كذلك . وقرأ حمزة والكسائي والأعمش « سَوَاء » بالنصب ، واختاره أبو عبيد قال : معناه نجعلهم سواء . وقرأ الأعمش أيضاً وعيسى بن عمر « وَمَمَاتَهم » بالنصب على معنى سواء في محياهم ومماتهم فلما أسقط الخافض انتصب . ويجوز أن يكون « مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ » بدلاً من الهاء والميم في نجعلهم المعنى : أن نجعل محياهم ومماتهم سواء كمحيا الذين آمنوا ومماتهم . ويجوز أن يكون الضمير في « مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ » للكفار والمؤمنين جميعاً . قال مجاهد : المؤمن يموت مؤمناً ويبعث مؤمناً ، والكافر يموت كافراً ويبعث كافراً . وذكر ابن المبارك أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرّة عن أبي الضّحا عن مسروق قال : قال رجل من أهل مكة : هذا مقام تميم الداري ، لقد رأيته ذات ليلة حتى أصبح أو قرب أن يُصبح يقرأ آية من كتاب الله ويركع ويسجد ويبكي { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } الآية كلها . وقال بشير : بِتّ عند الربيع بن خيثم ذات ليلة فقام يصلي فمرّ بهذه الآية فمكث ليله حتى أصبح لم يَعْدُها ببكاء شديد . وقال إبراهيم بن الأشعث : كثيراً ما رأيت الفُضيل بن عياض يردّد من أوّل الليل إلى آخره هذه الآية ونظيرها ، ثم يقول : ليت شعري ! من أي الفريقين أنت ؟ وكانت هذه الآية تسمى مبكاة العابدين لأنها محكمة .