Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 17-18)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيۤ أَنْ أُخْرَجَ } أي أن أبعث . { وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي } قراءة نافع وحفص وغيرِهما « أُفٍّ » مكسور منوّن . وقرأ ابن كثير وابن محيصن وابن عامر والمفضل عن عاصم « أفَّ » بالفتح من غير تنوين . الباقون بالكسر غير منوّن وكلها لغات ، وقد مضى في « بني إسرائيل » . وقراءة العامة « أَتَعِدَاننِي » بنونين مخففتين . وفتح ياءه أهل المدينة ومكة . وأسكن الباقون . وقرأ أبو حيوة والمغيرة وهشام « أَتَعِدَانِّي » بنون واحدة مشدّدة وكذلك هي في مصاحف أهل الشام . والعامة على ضم الألف وفتح الراء من « أَنْ أُخْرَجَ » . وقرأ الحسن ونصر وأبو العالية والأعمش وأبو معمر بفتح الألف وضم الراء . قال ابن عباس والسُّدِّي وأبو العالية ومجاهد : نزلت في عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما ، وكان يدعوه أبواه إلى الإسلام فيجيبهما بما أخبر الله عز وجل . وقال قتادة والسدي أيضاً : هو عبد الرحمٰن بن أبي بكر قبل إسلامه ، وكان أبوه وأمه أم رومان يدعوانه إلى الإسلام ويعدانه بالبعث فيردّ عليهما بما حكاه الله عز وجل عنه وكان هذا منه قبل إسلامه . وروي أن عائشة رضي الله عنها أنكرت أن تكون نزلت في عبد الرحمٰن . وقال الحسن وقتادة أيضاً : هي نعت عبدٍ كافرٍ عاقٍّ لوالديه . وقال الزجاج : كيف يقال نزلت في عبد الرحمٰن قبل إسلامه والله عز وجل يقول : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ } [ الأحقاف : 8 1 ] أي العذاب ، ومن ضرورته عدم الإيمان ، وعبد الرحمٰن من أفاضل المؤمنين فالصحيح أنها نزلت في عبدٍ كافر عاقٍّ لوالديه . وقال محمد بن زياد : كتب معاوية إلى مروان بن الحكم حتى يبايع الناس ليزيد فقال عبد الرحمٰن بن أبي بكر : لقد جئتم بها هِرَقْلِيّة ، أتبايعون لأبنائكم ! فقال مروان : هو الذي يقول الله فيه : { وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ } الآية . فقال : والله ما هو بِه ، ولو شئت لسمّيت ، ولكن الله لعن أباك وأنت في صلبه ، فأنت فَضَض من لعنة الله . قال المهدوِي : ومن جعل الآية في عبد الرحمٰن كان قوله بعد ذلك { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } يراد به من اعتقد ما تقدم ذكره فأول الآية خاص وآخرها عام . وقيل إن عبد الرحمٰن لما قال : « وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُون مِنْ قَبْلِي » قال مع ذلك : فأين عبد الله بن جُدْعان ، وأين عثمان بن عمرو ، وأين عامر بن كعب ومشايخ قريش حتى أسألهم عما يقولون . فقوله : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } يرجع إلى أولئك الأقوام . قلت : قد مضى من خبر عبد الرحمٰن بن أبي بكر في سورة « الأنعام » عند قوله : { لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى ٱلْهُدَى } [ الأنعام : 17 ] ما يدلّ على نزول هذه الآية فيه إذ كان كافراً وعند إسلامه وفضله تعيّن أنه ليس المراد بقوله : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } . { وَهُمَا } يعني والديه . { يَسْتَغثِيَانِ ٱللَّهَ } أي يدعوان الله له بالهداية . أو يستغيثان بالله من كفره فلما حذف الجار وصل الفعل فنصب . وقيل : الاْستغاثة الدعاء فلا حاجة إلى الباء . قال الفرّاء : أجاب الله دعاءه وغواثه . { وَيْلَكَ آمِنْ } أي صدّق بالبعث . { إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } أي صدْق لا خلف فيه . { فَيَقُولُ مَا هَـٰذَآ } أي ما يقوله والداه . { إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } أي أحاديثهم وما سطروه مما لا أصل له . { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } يعني الذين أشار إليهم ٱبن أبي بكر في قوله أحْيُوا لي مشايخ قريش ، وهم المعنيّون بقوله : { وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي } . فأما ٱبن أبي بكر عبد الله أو عبد الرحمٰن فقد أجاب الله فيه دعاء أبيه في قوله : { وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِيۤ } على ما تقدم . ومعنى : « حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ » أي وجب عليهم العذاب ، وهي كلمة الله : « هؤلاء في الجنة ولا أبالي وهؤلاء في النار ولا أبالي » . { فِيۤ أُمَمٍ } أي مع أمم . { قَدْ خَلَتْ } تقدّمت ومضت . { مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ } الكافرين { إِنَّهُمْ } أي تلك الأمم الكافرة { كَانُواْ خَاسِرِينَ } لأعمالهم أي ضاع سعيهم وخسِروا الجنة .