Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 119-119)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قَالَ ٱللَّهُ هَـٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ ٱلصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ } أي صدقهم في الدنيا فأما في الآخرة فلا ينفع فيها الصدق ، وصدقهم في الدنيا يحتمل أن يكون صدقهم في العمل لله ، ويحتمل أن يكون تركهم الكذب عليه وعلى رسله ، وإنما ينفعهم الصدق في ذلك اليوم وإن كان نافعاً في كل الأيام لوقوع الجزاء فيه . وقيل : المراد صدقهم في الآخرة وذلك في الشهادة لأنبيائهم بالبلاغ ، وفيما شهدوا به على أنفسهم من أعمالهم ويكون وجه النفع فيه أن يُكفوَا المؤاخذة بتركهم كتم الشهادة ، فيغفر لهم بإقرارهم لأنبيائهم وعلى أنفسهم . والله أعلم . وقرأ نافع وٱبن مُحَيْصِن « يَوْمَ » بالنصب ، ورفع الباقون وهي القراءة البيّنة على الابتداء والخبر ، فيوم ينفع خبر لـ « هذا » والجملة في موضع نصب بالقول . وأما قراءة نافع وٱبن مُحَيْصِن فحكى إبراهيم بن حميد عن محمد بن يزيد أن هذه القراءة لا تجوز ، لأنه نصب خبر الإبتداء ، ولا يجوز فيه البناء . وقال إبراهيم بن السَّري : هي جائزة بمعنى قال الله هذا لعيسى ابن مريم يوم ينفع الصادقين صدقهم فـ « يوم » ظرف للقول ، و « هذا » مفعول القول والتقدير قال الله هذا القول في يوم ينفع الصادقين . وقيل : التقدير قال الله عز وجل هذه الأشياء تنفع يوم القيامة . وقال الكسائي والفَرّاء : بني يوم ها هنا على النصب لأنه مضاف إلى غير ٱسم كما تقول : مضى يومئذ وأنشد الكِسائي : @ على حينَ عاتبتُ المِشيبَ على الصِّبَا وقلتُ أَلَمَّاً أَصْحُ والشَّيْبُ وازِعُ @@ الزّجاج : ولا يجيز البصريون ما قالاه إذا أضفت الظرف إلى فعل مضارع . فإن كان إلى ماض كان جيداً كما مرّ في البيت ، وإنما جاز أن يضاف الفعل إلى ظروف الزمان لأن الفعل بمعنى المصدر . وقيل : يجوز أن يكون منصوباً ظرفاً ويكون خبر الابتداء الذي هو « هذا » لأنه مشارٌ به إلى حَدثٍ ، وظروف الزمان تكون أخباراً عن الأحداث ، تقول : القتالُ اليوم ، والخروج الساعة ، والجملة في موضع نصب بالقول . وقيل : يجوز أن يكون « هذا » في موضع رفع بالابتداء و « يوم » خبر الابتداء والعامل فيه محذوف ، والتقدير : قال الله هذا الذي قصصناه يقع يوم ينفع الصادقين صدقهم . وفيه قراءة ثالثة { يَوْمُ يَنفَعُ } بالتنوين { ٱلصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ } في الكلام حذف تقديره « فيه » مثل قوله : { وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً } [ البقرة : 48 ] وهي قراءة الأعمش . قوله تعالى : { لَهُمْ جَنَّاتٌ } ابتداء وخبر . { تَجْرِي } في موضع الصفة . { مِن تَحْتِهَا } أي من تحت غُرَفها وأشجارها وقد تقدّم . ثم بيّن تعالى ثوابهم ، وأنه راض عنهم رضاً لا يغضب بعده أبداً . { وَرَضُواْ عَنْهُ } أي عن الجزاء الذي أثابهم به . { ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ } أي الظفر { ٱلْعَظِيمُ } أي الذي عظم خيره وكثر ، وارتفعت منزلة صاحبه وشَرُف .