Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 52-53)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } شك ونفاق ، وقد تقدّم في « البقرة » والمراد ابن أبي وأصحابه { يُسَارِعُونَ فِيهِمْ } أي في موالاتهم ومعاونتهم . { يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ } أي يدور الدهر علينا إمّا بقحط فلا يَميروننا ولا يُفْضِلوا علينا ، وإمّا أن يظفر اليهود بالمسلمين فلا يدوم الأمر لمحمد صلى الله عليه وسلم . وهذا القول أشبه بالمعنى كأنه من دارت تدور ، أي نخشى أن يدور الأمر ويدل عليه قوله عز وجل : { فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ } وقال الشاعر : @ يردّ عنك القَدَر المقدورا ودائراتِ الدهر أن تَدورا @@ يعني دول الدهر الدائرة من قوم إلى قوم . وٱختلف في معنى الفتح فقيل : الفتح الفصل والحكم عن قَتَادة وغيره . قال ابن عباس : أتى الله بالفتح فقُتِلت مُقاتِلة بني قُرَيظة وسُبيت ذراريهم وأُجْلَي بنو النَّضِير . وقال أبو علي : هو فتح بلاد المشركين على المسلمين . وقال السّدي : يعني بالفتح فتحَ مكة . { أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ } قال السّدي : هو الجزية . الحسن : إظهار أمر المنافقين والإخبار بأسمائهم والأمر بقتلهم . وقيل : الخصب والسّعة للمسلمين . { فَيُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ } أي فيصبحوا نادمين على توليهم الكفار إذا رأوا نصر الله للمؤمنين ، وإذا عاينوا عند الموت فبُشّروا بالعذاب . قوله تعالى : { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } . وقرأ أهل المدينة وأهل الشام : « يَقُولُ » بغير واو . وقرأ أبو عمرو وابن أبي إسحاق : « وَيَقُولَ » بالواو والنصب عطفاً على « أَنْ يَأَتي » عند أكثر النحويين ، التقدير : فعسى الله أن يأتي بالفتح وأن يقول . وقيل : هو عطف على المعنى لأن معنى { فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ } وعسى أن يأتي الله بالفتح إذ لا يجوز عسى زيد أن يأتي ويقومَ عمرو ، لأنّه لا يصحّ المعنى إذا قلت : وعسى زيد أن يقوم عمرو ، ولكن لو قلت : عسى أن يقوم زيد ويأتي عمرو كان جيداً . فإذا قدّرت التقديم في أن يأتي إلى جنب عسى حَسُن لأنه يصير التقدير : عسى أن يأتي وعسى أن يقوم ، ويكون من باب قوله : @ ورأيت زوجك في الوغى مُتقلِّداً سيفاً ورُمحا @@ وفيه قول ثالث وهو أن تعطفه على الفتح كما قال الشاعر : @ لَلُبْس عَباءةٍ وَتَقرّ عيني @@ ويجوز أن يجعل « أَنْ يَأْتِيَ » بدلاً من اسم الله جل ذكره فيصير التقدير : عسى أن يأتي الله ويقول الذين آمنوا . وقرأ الكوفيون : « وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ » بالرفع على القطع من الأوّل . { أَهَـۤؤُلاۤءِ } إشارة إلى المنافقين . { أَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ } حلفوا وٱجتهدوا في الإيمان . { إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ } أي قالوا إنهم ، ويجوز « أنهم » نصب بـ « أقسموا » أي قال المؤمنون لليهود على جهة التوبيخ : أهؤلاء الذي أقسموا بالله جهد أيمانهم أنهم يعينونكم على محمد . ويحتمل أن يكون من المؤمنين بعضهم لبعض أي هؤلاء الذين كانوا يحلِفون أنهم مؤمنون فقد هتك الله اليوم سترهم { حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } بطلت بنفاقهم . { فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ } أي خاسِرين الثواب . وقيل : خسِروا في موالاة اليهود فلم تحصل لهم ثمرة بعد قتل اليهود وإجلائهم .