Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 23-29)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : ] { وَقَالَ قَرِينُهُ } يعني الملَك الموكّل به في قول الحسن وقتادة والضحاك . { هَـٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } أي هذا ما عندي من كتابة عمله مُعَدّ محفوظ . وقال مجاهد : يقول هذا الذي وكلتني به من بني آدم قد أحضرته وأحضرت ديوان عمله . وقيل : المعنى هذا ما عندي من العذاب حاضر . وعن مجاهد أيضاً : قرينه الذي قيّض له من الشياطين . وقال ابن زيد في رواية ابن وهب عنه : إنه قرينه من الإنس ، فيقول الله تعالى لقرينه : { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ } قال الخليل والأخفش : هذا كلام العرب الفصيح أن تخاطب الواحد بلفظ الإثنين فتقول : ويلك ٱرحَلاها وٱزجراها ، وخذاه وأطلقاه للواحد . قال الفرّاء : تقول للواحد قُوما عنا ، وأصل ذلك أن أدنى أعوان الرجل في إبله وغنمه ورفقته في سفره ٱثنان فجرى كلام الرجل على صاحبيه ، ومنه قولهم للواحد في الشعر : خليلي ، ثم يقول : يا صاح . قال ٱمرؤ القيس : @ خَلِيليَّ مُرَّا بِي على أُمِّ جُنْدَبِ نُقَضِّ لُبَانَاتِ الفؤادِ المُعَذَّبِ @@ وقال أيضاً : @ قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ بِسَقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ @@ وقال آخر : @ فإِنْ تَزْجُرانِي يابنَ عَفَّانَ أَنْزَجِرْ وإنْ تَدَعاني أَحْمِ عِرْضاً مُمنَّعَا @@ وقيل : جاء كذلك لأن القرين يقع للجماعة والاثنين . وقال المازني : : قوله : « أَلْقِيَا » يدل على أَلْقِ أَلْقِ . وقال المبرد : هي تثنية على التوكيد ، المعنى أَلْقِ أَلْقِ فناب « أَلْقِيَا » مناب التكرار . ويجوز أن يكون « أَلْقِيَا » تثنية على خطاب الحقيقة من قول الله تعالى يخاطب به الملَكين . وقيل : هو مخاطبة للسائق والحافظ . وقيل : إن الأصل ألْقِينْ بالنون الخفيفة تقلب في الوقف ألفاً فحمل الوصل على الوقف . وقرأ الحسن « أَلْقَيْنَ » بالنون الخفيفة نحو قوله : { وَلَيَكُوناً مِّن ٱلصَّاغِرِينَ } [ يوسف : 32 ] وقوله : { لَنَسْفَعاً } [ العلق : 15 ] . { كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } أي معاند قاله مجاهد وعكرمة . وقال بعضهم : العنيد المعرض عن الحق يقال عَنَدَ يَعنِد بالكسر عُنُوداً أي خالف وردّ الحق وهو يعرفه فهو عَنِيد وعاند ، وجمع العَنِيد عُنُد مثل رغِيف ورُغُف . { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ } يعني الزكاة المفروضة وكل حقّ واجب . { مُعْتَدٍ } في منطقه وسيرته وأمره ظالم . { مُّرِيبٍ } شاكٍّ في التوحيد قاله الحسن وقتادة . يقال : أراب الرجلُ فهو مُرِيب إذا جاء بالريبة . وهو المشرك يدل عليه قوله تعالى : { ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ } . وقيل : نزلت في الوليد بن المغيرة . وأراد بقوله : { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ } أنه كان يمنع بني أخيه من الإسلام . { فَأَلْقِيَاهُ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ } تأكيد للأمر الأول . { قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ } يعني الشيطان الذي قيض لهذا الكافر العنيد تبرأ منه وكذّبه . { وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } عن الحق وكان طاغياً بٱختياره وإنما دعوته فاستجاب لي . وقرينه هنا هو شيطانه بغير ٱختلاف . حكاه المهدوي . وحكى الثعلبي قال ٱبن عباس ومقاتل : قرينه الملك وذلك أن الوليد بن المغيرة يقول للملَك الذي كان يكتب سيئاته : ربِّ إنه أعجلني ، فيقول الملَك : ربنا ما أطغيته أي ما أعجلته . وقال سعيد بن جبير : يقول الكافر ربّ إنه زاد عليّ في الكتابة ، فيقول الملَك : ربنا ما أطغيته أي ما زدت عليه في الكتابة فحينئذ يقول الله تعالى : { لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ } يعني الكافرين وقرناءهم من الشياطين . قال القشيري : وهذا يدل على أن القرين الشيطان . { وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ } أي أرسلت الرسل . وقيل : هذا خطاب لكل من ٱختصم . وقيل : هو للاثنين وجاء بلفظ الجمع . { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ } قيل هو قوله : { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَىۤ إِلاَّ مِثْلَهَا } [ الأنعام : 160 ] وقيل هو قوله : { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [ السجدة : 13 ] . وقال الفرّاء : ما يكذب عندي أي ما يزاد في القول ولا ينقص لعلمي بالغيب . { وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } أي ما أنا بمعذِّب من لم يُجرم ، قاله ٱبن عباس . وقد مضى القول في معناه في « الحج » وغيرها .