Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 36-38)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ } أي كم أهلكنا يا محمد قبل قومك من أمة هم أشدّ منهم بطشاً وقوّة . { فَنَقَّبُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ } أي ساروا فيها طلباً للمهرب . وقيل : أثّرُوا في البلاد قاله ٱبن عباس . وقال مجاهد : ضربوا وطافوا . وقال النضر بن شميل : دَوَّروا … وقال قتادة : طَوَّفوا . وقال المؤرِّج تباعدوا ومنه قول ٱمرىء القيس : @ وقد نَقَّبْتُ في الآفاق حَتَّى رَضِيتُ من الغنيمةِ بالإيابِ @@ ثم قيل : طافوا في أقاصي البلاد طلباً للتجارات ، وهل وجدوا من الموت محيصاً ؟ وقيل : طوّفوا في البلاد يلتمسون مَحيصاً من الموت . وقال الحرث بن حِلَّزة : @ نَقَّبُوا في البلادِ من حَذَرِ المو تِ وجَالُوا في الأرضِ كُلَّ مَجَالِ @@ وقرأ الحسن وأبو العالية « فَنَقَبُوا » بفتح القاف وتخفيفها . والنقب هو الخرق والدخول في الشيء . وقيل : النقب الطريق في الجبل ، وكذلك الْمَنْقَب والْمَنْقَبَة عن ٱبن السكيت . ونَقَب الجدار نَقْباً ، وٱسم تلك النَّقْبة نَقْب أيضاً ، وجمع النَّقْب النُّقُوب أي خرقوا البلاد وساروا في نقوبها . وقيل : أَثَّرُوا فيها كتأثير الحديد فيما ينقب . وقرأ السُّلَمي ويحيـى بن يَعْمَر « فَنَقِّبُوا » بكسر القاف والتشديد على الأمر بالتهديد والوعيد أي طَوِّفوا البلاد وسيروا فيها فٱنظروا { هَلْ مِن } الموت { مَّحِيصٍ } ومهرب ذكره الثعلبي . وحكى القشيريّ « فَنَقِبُوا » بكسر القاف مع التخفيف أي أكثروا السير فيها حتى نَقِبت دوابُّهم . الجوهري : ونَقِب البعيرُ بالكسر إذا رَقّت أخفافُه ، وأنقب الرجلُ إذا نَقِب بعيرُه ، ونَقِب الخفُّ الملبوس أي تخرّق . والمحِيص مصدر حاص عنه يَحِيص حَيْصاً وحُيوصاً ومَحِيصاً ومَحاصاً وحَيَصاناً أي عَدلَ وحادَ . يقال : ما عنه مَحِيص أي مَحِيد ومَهْرَب . والانحياص مثله يقال للأولياء : حاصوا عن العدوّ وللأعداء ٱنهزموا . قوله تعالى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ } أي فيما ذكرناه في هذه السورة تذكرة وموعظة { لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ } أي عقل يتدبر به فكنى بالقلب عن العقل لأنه موضعه قال معناه مجاهد وغيره . وقيل : لمن كان له حياة ونفس مميزة ، فعبر عن النفس الحية بالقلب لأنه وطنها ومعدن حياتها كما قال ٱمرؤ القيس : @ أَغَرَّكِ منِّي أَنَّ حُبَّكِ قاتِلي وَأَنَّكِ مَهْمَا تَأْمُرِي الْقَلْبَ يَفْعَلِ @@ وفي التنزيل : { لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً } [ يس : 70 ] . وقال يحيـى بن معاذ : القلب قلبان قلب محتشٍ بأشغال الدنيا حتى إذا حضر أمر من الأمور الآخرة لم يدر ما يصنع ، وقلب قد ٱحتشى بأهوال الآخرة حتى إذا حضر أمر من أمور الدنيا لم يدر ما يصنع لذهاب قلبه في الآخرة . { أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ } أي ٱستمع القرآن . تقول العرب : ألق إليّ سمعك أي ٱستمع . وقد مضى في « طه » كيفية الاستماع وثمرته . { وَهُوَ شَهِيدٌ } أي شاهد القلب قال الزجاج : أي قلبه حاضر فيما يسمع . وقال سفيان : أي لا يكون حاضراً وقلبه غائب . ثم قيل : الآية لأهل الكتاب قاله مجاهد وقتادة . وقال الحسن : إنها في اليهود والنصارى خاصة . وقال محمد بن كعب وأبو صالح : إنها في أهل القرآن خاصة . قوله تعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ } تقدّم في « الأعراف » وغيرها . واللغوب التعب والإعياء ، تقول منه : لَغَب يَلْغُب بالضم لُغُوباً ، ولَغِب بالكسر يَلْغَب لُغُوباً لغة ضعيفة فيه . وألغبته أنا أي أنصبته . قال قتادة والكلبي : هذه الآية نزلت في يهود المدينة زعموا أن الله تعالى خلق السموات والأرض في ستة أيام ، أوّلها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة ، وٱستراح يوم السبت فجعلوه راحة ، فأكذبهم الله تعالى في ذلك .