Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 24-28)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ } ذكر قصة إبراهيم عليه السلام ليبين بها أنه أهلك المكذب بآياته كما فعل بقوم لوط . « هَلْ أَتَاكَ » أي ألم يأتك . وقيل : « هَلْ » بمعنى قد كقوله تعالى : { هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ } [ الإنسان : 1 ] . وقد مضى الكلام في ضيف إبراهيم في « هود » « والحجر » . « الْمُكْرَمِينَ » أي عند الله دليله قوله تعالى : { بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ } [ الأنبياء : 26 ] قال ٱبن عباس : يريد جبريل وميكائيل وإسرافيل زاد عثمان بن حَصِين ورفائيل عليه الصلاة والسلام . وقال محمد بن كعب : كان جبريل ومعه تسعة . وقال عطاء وجماعة : كانوا ثلاثة جبريل وميكائيل ومعهما ملَك آخر . قال ٱبن عباس : سماهم مكرمين لأنهم غير مذعورين . وقال مجاهد : سماهم مكرمين لخدمة إبراهيم إياهم بنفسه . قال عبد الوهاب : قال لي علي بن عياض : عندي هريسة ما رأيك فيها ؟ قلت : ما أحسن رأيي فيها قال : ٱمض بنا فدخلت الدار فنادى الغلام فإذا هو غائب ، فما راعني إلا به ومعه القُمْقُمة والطَّسْت وعلى عاتقه المِنْدِيل ، فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، لو علمتُ يا أبا الحسن أن الأمر هكذا قال : هَوِّن عليك فإنك عندنا مُكرَم ، والمُكرم إنما يُخدم بالنفس ٱنظر إلى قوله تعالى : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ } . قوله تعالى : { إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاَماً } تقدّم في « الحجر » . { قَالَ سَلاَمٌ } أي عليكم سلام . ويجوز بمعنى أمري سلام أو ردّي لكم سلام . وقرأ أهل الكوفة إلا عاصماً « سِلْمٌ » بكسر السين . { قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } أي أنتم قوم منكرون أي غرباء لا نعرفكم . وقيل : لأنه رآهم على غير صورة البشر ، وعلى غير صورة الملائكة الذين كان يعرفهم فنكرهم ، فقال : { قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } . وقيل : أنكرهم لأنهم دخلوا عليه من غير ٱستئذان . وقال أبو العالية : أنكر سلامهم في ذلك الزمان وفي تلك الأرض . وقيل : خافهم يقال : أنكرته إذا خفته ، قال الشاعر : @ فَأَنْكَرَتْنِي وما كان الذي نَكِرَتْ مِنَ الحوادِثِ إلاَّ الشَّيْبَ والصَّلَعَا @@ قوله تعالى : { فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ } قال الزجاج : أي عدل إلى أهله . وقد مضى في « والصافات » . ويقال : أراغ وٱرتاغ بمعنى طلب ، وماذا تُرِيغ أي تريد وتطلب ، وأراغ إلى كذا أي مال إليه سرًّا وحاد ، فعلى هذا يكون راغ وأراغ لغتين بمعنى . { فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ } أي جاء ضيفه بعجل قد شواه لهم كان في « هود » : { فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ } [ هود : 69 ] . ويقال : إن إبراهيم ٱنطلق إلى منزله كالمستخفي من ضيفه ، لئلا يظهروا على ما يريد أن يتخذ لهم من الطعام . قوله تعالى : { فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ } يعني العجل . { قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ } قال قتادة : كان عامّة مالِ إبراهيم البقر ، وٱختاره لهم سميناً زيادة في إكرامهم . وقيل : العِجل في بعض اللغات الشاة . ذكره القشيري . وفي الصحاح : العِجل ولد البقرة والعِجَّوْل مثله والجمع العَجاجيل والأنثى عِجْلة ، عن أبي الجراح ، وبقرة مُعْجِل ذات عِجْل ، وعِجْل قبيلة من ربيعة . قوله تعالى : { فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً } أي أحَسَّ منهم في نفسه خوفاً . وقيل : أضمر لما لم يتَحرَّموا بطعامه . ومن أخلاق الناس : أن من تَحرَّم بطعام إنسان أمنه . وقال عمرو بن دينار : قالت الملائكة لا نأكل إلا بالثمن . قال كلوا وأدّوا ثمنه . قالوا : وما ثمنه ؟ قال : تسمُّون الله إذا أكلتم وتحمدونه إذا فرغتم . فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا : لهذا ٱتخذك الله خليلاً . وقد تقدّم هذا في « هود » . ولما رأوا ما بإبراهيم من الخوف { قَالُواْ لاَ تَخَفْ } وأعلموه أنهم ملائكة الله ورسله . { وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلَيمٍ } أي بولد يولد له من سارة زوجته . وقيل : لما أخبروه أنهم ملائكة لم يصدّقهم ، فدعوا الله فأحيا العجل الذي قرّبه إليهم . وروى عون بن أبي شدّاد : أن جبريل مسح العجل بجناحه ، فقام يدرج حتى لحق بأمه وأم العجل في الدار . ومعنى « عَلِيمٍ » أي يكون بعد بلوغه من أولي العلم بالله وبدينه . والجمهور على أن المبشَّر به هو إسحاق . وقال مجاهد وحده : هو إسماعيل وليس بشيء فإن الله تعالى يقول : { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ } [ الصافات : 112 ] . وهذا نص .