Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 54, Ayat: 23-26)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ } هم قوم صالح كذبوا الرسل ونبيهم ، أو كذّبوا بالآيات التي هي النذر { فَقَالُوۤاْ أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ } وندع جماعة . وقرأ أبو الأشهب وٱبن السَّمَيْقَع وأبو السَّمَّال العدويّ « أَبَشَرٌ » بالرفع « وَاحِدٌ » كذلك رفع بالابتداء والخبر « نَتَّبِعُهُ » . الباقون بالنصب على معنى أنتبع بشراً منا واحداً نتبعه . وقرأ أبو السَّمَّال : « أَبَشَرٌ » بالرفع « مِنَّا واحِداً » بالنصب ، رفع « أَبَشَرٌ » بإضمار فعل يدل عليه { أَأُلْقِيَ } كأنه قال : أينبّأ بشر منّا ، وقوله : « وَاحِداً » يجوز أن يكون حالاً من المضمر في « مِنَّا » والناصب له الظرف ، والتقدير أينبأ بشر كائن منّا منفرداً ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في { نَّتَّبِعُهُ } منفرداً لا ناصر له . { إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ } أي ذهاب عن الصواب { وَسُعُرٍ } أي جنون ، من قولهم : ناقة مسعورة ، أي كأنها من شدة نشاطها مجنونة ، ذكره ٱبن عباس . قال الشاعر يصف ناقته : @ تَخالُ بها سُعْراً إذا السَّفْرُ هَزَّهَا ذَمِيلٌ وإيقاعٌ من السَّيْرِ مُتْعِبُ @@ الذميل ضرب من سير الإبل . قال أبو عبيد : إذا ارتفع السير عن العَنَق قليلاً فهو التّزيُّد ، فإذا ٱرتفع عن ذلك فهو الذميل ، ثم الرَّسيم يقال : ذمَل يَذْمُل ويَذمِل ذميلاً . قال الأصمعي : ولا يَذمُل بعير يوماً وليلةً إلا مَهْرِيٌّ قاله . وقال ٱبن عباس أيضاً : السُّعر العذاب ، وقاله الفراء . مجاهد : بعد الحق . السديّ : في ٱحتراق . قال : @ أصحوتَ اليومَ أَمْ شَاقَتْكَ هِرّ ومِنَ الْحُبِّ جُنُونٌ مُسْتَعِرْ @@ أي متقد ومحترق . أبو عبيدة : هو جمع سعير وهو لهيب النار . والبعير المجنون يذهب كذا وكذا لما يتلهب به من الحدّة . ومعنى الآية : إنَّا إذاً لفي شقاء وعناء مما يلزمنا . قوله تعالى : { أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا } أي خصص بالرسالة من بين آل ثمود وفيهم من هو أكثر مالاً وأحسن حالاً ؟ ! وهو استفهام معناه الإنكار . { بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } أي ليس كما يدّعيه ، وإنما يريد أن يتعاظم ويلتمس التكبر علينا من غير ٱستحقاق . والأَشَر المَرَح والتَجَبُّر والنّشاط . يقال : فرس أَشِر إذا كان مرحاً نشيطاً قال ٱمرؤ القيس يصف كلباً : @ فيدركنا فَغِمٌ داجِنٌ سمِيعٌ بِصيرٌ طَلُوبٌ نَكِرْ أَلَصُّ الضُّرُوسِ حَنِيُّ الضُّلُوعِ تَبُوعٌ أَرِيبٌ نَشيطٌ أَشِرْ @@ وقيل : « أَشِرٌ » بَطِر . والأَشَر البَطَر قال الشاعر : @ أَشِرْتُمْ بلُبْس الخَزِّ لمّا لَبِسْتُمُ ومِن قبلُ ما تَدْرونَ مَنْ فَتَحَ الْقُرَى @@ وقدأشِر بالكسر يأشَر أَشَراً فهو أَشِر وأَشْران ، وقوم أشَارى مثل سَكْران وسُكَارى قال الشاعر : @ وخَلَّتْ وُعُولاً أَشَارَى بها وقد أَزْهَفَ الطَّعْنُ أبطالَهَا @@ وقيل : إنه المتعدي إلى منزلة لا يستحقها والمعنى واحد . وقال ٱبن زيد وعبد الرحمن بن حماد : الأشِر الذي لا يبالي ما قال . وقرأ أبو جعفر وأبو قِلابة « أَشَرُّ » بفتح الشين وتشديد الراء يعني به أشرنا وأخبثنا . { سَيَعْلَمُونَ غَداً } أي سيرون العذاب يوم القيامة ، أو في حال نزول العذاب بهم في الدنيا . وقرأ ٱبن عامر وحمزة بالتاء على أنه من قول صالح لهم على الخطاب . الباقون بالياء إخبار من الله تعالى لصالح عنهم . وقوله : « غَداً » على التقريب على عادة الناس في قولهم للعواقب : إن مع اليوم غداً قال : @ للموتِ فيها سِهامٌ غير مُخْطِئَةٍ مَنْ لم يكن مَيِّتاً في اليومِ ماتَ غَدَا @@ وقال الطرِمَّاح : @ أَلاَ عَلِّلاَنِي قبل نَوْحِ النَّوَائِح وقَبْلَ ٱضْطرَابِ النَّفْسِ بَين الْجَوَانِح وقبلَ غَدٍ يا لَهْفَ نفسي على غَدٍ إذا رَاحَ أصحابي ولستُ برائِح @@ إنما أراد وقت الموت ولم يرد غداً بعينه . { مَّنِ ٱلْكَذَّابُ ٱلأَشِرُ } وقرأ أبو قِلابة « الأَشَرُّ » بفتح الشين وتشديد الراء جاء به على الأصل . قال أبو حاتم : لا تكاد العرب تتكلم بالأَشَرّ والأَخيَر إلا في ضرورة الشعر كقول رؤبة : @ بِـلاَلٌ خَيْـرُ النـاسِ وٱبـنُ الأَخْيَـر @@ وإنما يقولون هو خير قومه ، وهو شر الناس قال الله تعالى : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } [ آل عمران : 110 ] وقال : { فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً } [ مريم : 75 ] . وعن أبي حيوة بفتح الشين وتخفيف الراء . وعن مجاهد وسعيد بن جُبير ضم الشين والراء والتخفيف ، قال النحاس : وهو معنى « الأشِر » ومثله رجل حَذِر وحَذُر .