Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 54, Ayat: 33-40)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِٱلنُّذُرِ } أخبر عن قوم لوط أيضاً لما كذّبوا لوطاً . { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً } أي ريحاً ترميهم بالحصباء وهي الحصى قال النّضر : الحاصب الحصباء في الريح . وقال أبو عبيدة : الحاصب الحجارة . وفي الصحاح : والحاصب الريح الشديدة التي تثير الحصباء وكذلك الحَصِبة قال لَبِيد : @ جَرَّتْ عليها أَنْ خَوَتْ مِن أهلَها أذيالَها كُلُّ عَصُوفٍ حَصِبَهْ @@ عصفت الريح أي ٱشتدّت فهي ريح عاصفٌ وعَصُوف . وقال الفَرَزْدق : @ مستقبلين شمالَ الشامِ تَضرِبُنَا بحاصبٍ كنَديفِ القُطْنِ منثورِ @@ { إِلاَّ آلَ لُوطٍ } يعني من تبعه على دينه ولم يكن إلا بنتاه { نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ } قال الأخفش : إنما أجراه لأنه نكرة ، ولو أراد سَحَر يوم بعينه لما أجراه ، ونظيره : { ٱهْبِطُواْ مِصْراً } [ البقرة : 61 ] لما نكّره ، فلما عرّفه في قوله : { ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ } [ يوسف : 99 ] لم يُجْرِه ، وكذا قال الزجاج : « سحر » إذا كان نكرة يراد به سحَر من الأسحار يصرف ، تقول أتيته سحراً ، فإذا أردت سحر يومك لم تصرفه ، تقول : أتيته سَحَر يا هذا ، وأتيته بسحر . والسَّحَرُ : هو ما بين آخر الليل وطلوع الفجر ، وهو في كلام العرب ٱختلاط سواد الليل ببياض أوّل النهار لأن في هذا الوقت يكون مخاييل الليل ومخاييل النهار . { نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا } إنعاماً منّا على لوط وٱبنتيه فهو نَصْب لأنه مفعول به . { كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ } أي من آمن بالله وأطاعه . { وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ } يعني لوطاً خوّفهم { بَطْشَتَنَا } عقوبتنا وأَخْذنا إياهم بالعذاب { فَتَمَارَوْاْ بِٱلنُّذُرِ } أي شَكُّوا فيما أنذرهم به الرسول ولم يصدّقوه ، وهو تفاعل من المِرْية . { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ } أي أرادوا منه تمكينهم ممن كان أتاه من الملائكة في هيئة الأضياف طلباً للفاحشة على ما تقدّم . يقال : راوَدْته على كذا مُرَاوَدةً ورِوَاداً أي أردتُه . وراد الكلأَ يروده رَوْداً ورِياداً ، وٱرْتادَه ٱرتياداً بمعنًى أي طلبه وفي الحديث : " إذا بال أحدكم فلْيَرْتَدْ لِبوله " أي يطلب مكاناً ليناً أو منحدراً . { فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ } يروى أن جبريل عليه السلام ضربهم بجناحه فَعُموا . وقيل : صارت أعينهم كسائر الوجه لا يرى لها شقّ ، كما تطمس الريح الأعلام بما تسفي عليها من التراب . وقيل : لا ، بل أعماهم الله مع صحة أبصارهم فلم يروهم . قال الضحاك : طمس الله على أبصارهم فلم يروا الرسل فقالوا : لقد رأيناهم حين دخلوا البيت فأين ذهبوا ؟ فرجعوا ولم يروهم . { فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ } أي فقلنا لهم ذوقوا ، والمراد من هذا الأمر الخبر أي فأذقتهم عذابي الذي أنذرهم به لوط . { وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ } أي دائم عام ٱستقر فيهم حتى يفضي بهم إلى عذاب الآخرة . وذلك العذاب قَلْب قريتهم عليهم وجعل أعلاها أسفلها . و « بُكْرَةً » هنا نكرة فلذلك صرفت . { فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ } العذاب الذي نزل بهم من طمس الأعين غير العذاب الذي أهلكوا به فلذلك حسن التكرير . { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ } تقدم .