Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 26-28)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } الضمير في { عَلَيْهَا } للأرض ، وقد جرى ذكرها في أول السورة في قوله تعالى : { وَٱلأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ } وقد يقال : هو أكرم مَنْ عليها ، يعنون الأرض وإن لم يجر لها ذكر . وقال ٱبن عباس : لما نزلت هذه الآية قالت الملائكة هلك أهل الأرض فنزلت : { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } [ القصص : 88 ] فأيقنت الملائكة بالهلاك وقاله مقاتل . ووجه النعمة في فناء الخلق التسوية بينهم في الموت ، ومع الموت تستوي الأقدام . وقيل : وجه النعمة أن الموت سبب النقل إلى دار الجزاء والثواب . { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ } أي ويبقى الله فالوجه عبارة عن وجوده وذاته سبحانه قال الشاعر : @ قَضَى على خَلْقه المنايا فكلُّ شيء سواه فانِي @@ وهذا الذي ٱرتضاه المحققون من علمائنا : ٱبن فورك وأبو المعالي وغيرهم . وقال ٱبن عباس : الوجه عبارة عنه كما قال : { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } وقال أبو المعالي : وأما الوجه فالمراد به عند معظم أئمتنا وجود الباري تعالى ، وهو الذي ٱرتضاه شيخنا . ومن الدليل على ذلك قوله تعالى : { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ } والموصف بالبقاء عند تعرض الخلق للفناء وجود الباري تعالى . وقد مضى في « البقرة » القول في هذا عند قوله تعالى : { فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ ٱللَّهِ } وقد ذكرناه في الكتاب الأسنى مستوفى . قال القشيري : قال قوم هو صفة زائدة على الذات لا تُكَيف ، يحصل بها الإقبال على من أراد الربّ تخصيصه بالإكرام . والصحيح أن يقال : وجهه وجوده وذاته ، يقال : هذا وجه الأمر ووجه الصواب وعين الصواب . وقيل : أي يبقى الظاهر بأدلته كظهور الإنسان بوجهه . وقيل : وتبقى الجهة التي يتقرب بها إلى الله . { ذُو ٱلْجَلاَلِ } الجلال عظمة الله وكبرياؤه وٱستحقاقه صفات المدح يقال : جَلَّ الشيءُ أي عَظُم وأجللته أي عظّمته ، والجلال ٱسم من جلّ . { وَٱلإِكْرَامِ } أي هو أهل لأن يكرم عما لا يليق به من الشرك كما تقول : أنا أكرمك عن هذا ومنه إكرام الأنبياء والأولياء . وقد أتينا على هذين الاسمين لغةً ومعنًى في الكتاب الأسنى مستوفًى . وروى أنس أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " أَلِظُّوا بيا ذا الجلالِ والإكرام " وروي أنه من قول ٱبن مسعود ومعناه : ٱلزموا ذلك في الدعاء . قال أبو عبيد : الإلظاظ لزوم الشيء والمثابرة عليه . ويقال : الإلظاظ الإلحاح . وعن سعيد المقبري : أن رجلاً أَلَحَّ فجعل يقول : اللّهم يا ذا الجلال والإكرام ! اللّهم يا ذا الجلال والإكرام ! فنودي : إني قد سمعت فما حاجتك ؟