Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 13-16)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } أي جماعة من الأمم الماضية . { وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } أي ممن آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم . قال الحسن : ثُلَّة ممن قد مضى قبل هذه الأمة ، وقليل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، اللهم ٱجعلنا منهم بكرمك . وسُمُّوا قليلاً بالإضافة إلى من كان قبلهم لأن الأنبياء المتقدّمين كثروا فكثر السابقون إلى الإيمان منهم ، فزادوا على عدد من سبق إلى التصديق من أمتنا . وقيل : لما نزل هذا شَقَّ على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت : { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } { وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة بل ثلثَ أهل الجنة بل نصفَ أهل الجنة وتقاسمونهم في النصف الثاني " رواه أبو هريرة ، ذكره الماوردي وغيره . ومعناه ثابت في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن مسعود . وكأنه أراد أنها منسوخة والأشبه أنها محكمة لأنها خبر ولأن ذلك في جماعتين مختلفتين . قال الحسن : سابقو من مضى أكثر من سابقينا فلذلك قال : { وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } وقال في أصحاب اليمين وهم سوى السابقين : { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } { وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } ولذلك قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " إني لأرجو أن تكون أمتي شطر أهل الجنة " ثم تلا قوله تعالى : { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } { وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } قال مجاهد : كلٌّ من هذه الأمة . وروى سفيان عن أبان عن سعيد بن جبير عن ٱبن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم : " الثُّلَّتان جميعاً من أمتي " يعني { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } { وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } . وروي هذا القول عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه . قال أبو بكر رضي الله عنه : كِلاَ الثُّلَّتين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فمنهم من هو في أوّل أمته ، ومنهم من هو في آخرها وهو مثل قوله تعالى : { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِٱلْخَيْرَاتِ بِإِذُنِ ٱللَّهِ } [ فاطر : 32 ] . وقيل : { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } أي من أوّل هذه الأمة . { وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } يسارع في الطاعات حتى يلحق درجة الأوّلين ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : " خيركم قَرْني " ثم سَوَّى في أصحاب اليمين بين الأوّلين والآخرين . والثُّلَّة من ثَلَلت الشيء أي قطعته ، فمعنى ثلة كمعنى فرقة قاله الزجاج . قوله تعالى : { عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ } [ الطور : 20 ] أي السابقون في الجنة « عَلَى سُرُرٍ » أي مجالسهم على سرر جمع سرير . { مَّوْضُونَةٍ } قال ٱبن عباس : منسوجة بالذهب . وقال عكرمة : مشبكة بالدُّرّ والياقوت . وعن ٱبن عباس أيضاً : « مَوْضُونَةٍ » مصفوفة كما قال في موضع آخر : { عَلَىٰ سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ } . وعنه أيضاً وعن مجاهد : مَرْمولة بالذهب . وفي التفاسير : « مَوْضُونَةٍ » أي منسوجة بقضبان الذّهب مشبكة بالدّر والياقوت والزّبرجد . والوضْن النسج المضاعف والنّضد يقال : وَضَن فلانٌ الحجَرَ والآجُرَّ بعضه فوق بعض فهو موضون ، ودرع موضونة أي محكمة في النّسج مثل مصفوفة قال الأعشى : @ وَمِن نَسْجِ دَاوُدَ مَوضُونَة تُسَاقُ مع الحيِّ عِيراً فَعِيرَا @@ وقال أيضاً : @ وبَيْضَاء كالنَّهْيِ مَوْضُونَة لها قَوْنَسٌ فوقَ جَيْبِ البَدَنْ @@ والسرير الموضون : الذي سطحه بمنزلة المنسوج ومنه الوَضِين : بِطانٌ من سُيور ينسج فيدخل بعضه في بعض ومنه قوله : @ إليكَ تَعْدُو قَلِقاً وَضِينُها @@ { مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا } أي على السرر { مُتَقَابِلِينَ } أي لا يرى بعضهم قَفَا بعض ، بل تدور بهم الأسرة ، وهذا في المؤمن وزوجته وأهله أي يتكئون متقابلين . قاله مجاهد وغيره . وقال الكلبيّ : طول كل سرير ثلثمائة ذراع ، فإذا أراد العبد أن يجلس عليها تواضعت فإذا جلس عليها ٱرتفعت .