Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 68-74)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَفَرَأَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ } لتحيوا به أنفسكم ، وتسكنوا به عطشكم ، لأن الشراب إنما يكون تبعاً للمطعوم ، ولهذا جاء الطعام مقدماً في الآية قبلُ ، ألا ترى أنك تسقي ضيفك بعد أن تطعمه . الزمخشري : ولو عكست قعدت تحت قول أبي العلاء : @ إذا سُقِيَتْ ضُيوفُ الناسِ مَحْضاً سَقَوْا أضيافَهمْ شَبِماً زُلاَلاَ @@ وسُقِي بعضُ العرب فقال : أنا لا أشرب إلا على ثَمِيلة . { أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ } أي السَّحاب ، الواحدة مُزْنة فقال الشاعر : @ فنحنُ كماءِ الْمُزْنِ ما في نِصَابِنَا كَهَامٌ ولا فينا يُعَدُّ بَخِيلُ @@ وهذا قول ٱبن عباس ومجاهد وغيرهما أن المُزْن السَّحاب . وعن ٱبن عباس أيضاً والثوري : المُزْن السّماء والسّحاب . وفي الصّحاح : أبو زيد : المُزْنة السّحابة البيضاء والجمع مُزْن ، والمُزْنة المَطْرَة قال : @ ألم تَرَ أن الله أَنْزَلَ مُزْنةً وعُفْرُ الظِّبَاءِ في الكِنَاسِ تَقَمَّعُ @@ { أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ } أي فإذا عرفتم بأني أنزلته فَلِمَ لا تشكروني بإخلاص العبادة لي ؟ ولَمِ تنكرون قدرتي على الإعادة ؟ . { لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً } أي ملحاً شديد الملوحة قاله ٱبن عباس . الحسن : مرًّا قُعَاعاً لا تنتفعون به في شرب ولا زرع ولا غيرهما . { فَلَوْلاَ } أي فهلاّ تشكرون الذي صنع ذلك بكم . قوله تعالى : { أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ } أي أخبروني عن النار التي تظهرونها بالقَدْح من الشجر الرَّطْب { أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ } يعني التي تكون منها الزِّناد وهي المَرْخُ والعَفَار ومنه قولهم : في كلّ شجرٍ نار ، وٱسْتَمْجدَ المَرْخُ والعَفَار أي ٱستكثر منها ، كأنهما أخذا من النار ما هو حَسْبهما . ويقال : لأنهما يُسِرعان الْوَرْيَ . يقال : أوْرَيت النار إذا قدحتها . وورَى الزَّنَدُ يَرِى إذا ٱنقدح منه النار . وفيه لغة أخرى : ووَرِي الزَّندُ يَرِى بالكسر فيهما . { أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ } أي المخترعون الخالقون أي فإذا عرفتم قدرتي فٱشكروني ولا تنكروا قدرتي على البعث . قوله تعالى : { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً } يعني نار الدنيا موعظة للنار الكبرى قاله قتادة . ومجاهد : تبصرة للناس من الظلام . وصح عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " « إن ناركم هذه التي يوقد بنو آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم » فقالوا يا رسول الله : أن كانت لكافية قال : « فإنها فضَلَت عليها بتسعة وستين جُزْءاً كلّهنّ مثل حَرِّها » " { وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } قال الضحاك : أي منفعة للمسافرين سمّوا بذلك لنزولهم القَوَى وهو القفر . الفراء : إنما يقال للمسافرين : مُقْوين إذا نزلوا القِيّ وهي الأرض القفر التي لا شيء فيها . وكذلك القَوَى والقَوَاء بالمدّ والقصر ، ومنزلٌ قَواء لا أنيس به يقال : أَقْوت الدارُ وقَوِيت أيضاً أي خلت من سكانها قال النابغة : @ يا دارَ مَيَّةَ بالْعَلْيَاءِ فَالسَّنَدِ أَقْوَتْ وطال عَليها سَالفُ الأَمَدِ @@ وقال عنترة : @ حُيِّيتَ مِنْ طَلَلٍ تَقَادَمَ عَهْدُهُ أَقْوَى وَأَقْفَر بَعد أُمِّ الْهَيْثَمِ @@ ويقال : أَقْوَى أي قَوِي وقَوِي أصحابه ، وَأَقوى إذا سافر أي نزل القَوَاء والقِيّ . وقال مجاهد : { لِّلْمُقْوِينَ } المستمتعين بها من الناس أجمعين في الطبخ والخبز والاصطلاء والاستضاءة ، ويتذكر بها نار جهنم فيستجار بالله منها . وقال ٱبن زيد : للجائعين في إصلاح طعامهم . يقال : أقويت منذ كذا وكذا ، أي ما أكلت شيئاً ، وبات فلان القَواء وبات القفرَ إذا بات جائعاً على غير طُعْم قال الشاعر : @ وإنِّي لأختارُ القَوَى طَاوِيَ الحَشَى محَافَظَةً من أَنْ يقالَ لَئِيمُ @@ وقال الربيع والسدي : { الْمُقوِينَ } المنزلين الذين لا زناد معهم يعني ناراً يوقدون فيختبزون بها ؟ ورواه العوفي عن ٱبن عباس . وقال قُطْرب : المُقْوِي من الأضداد يكون بمعنى الفقير ويكون بمعنى الغني يقال : أقوى الرجل إذا لم يكن معه زاد ، وأقوى إذا قويت دوابه وكثر ماله . المهدوي : والآية تصلح للجميع لأن النار يحتاج إليها المسافر والمقيم والغني والفقير . وحكى الثعلبي أن أكثر المفسرين على القول الأوّل . القشيري : وخص المسافر بالانتفاع بها لأن ٱنتفاعه بها أكثر من منفعة المقيم لأن أهل البادية لا بد لهم من النار يوقدونها ليلاً لتهرب منهم السّباع ، وفي كثير من حوائجهم . قوله تعالى : { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ } أي فنزّه الله عما أضافه إليه المشركون من الأنداد ، والعجز عن البعث .