Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 22-22)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه مسألتان : الأولى : قوله تعالى : { لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ } أي يحبون ويوالون { مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } تقدّم " { وَلَوْ كَانُوۤاْ آبَآءَهُمْ } قال السدي : نزلت في عبد الله بن عبد الله بن أبيّ ، جلس إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فشرب النبيّ صلى الله عليه وسلم ماء فقال له : بالله يا رسول الله ما أبقيت من شرابك فضلةً أسقيها أبي لعل الله يُطهّر بها قلبه ؟ فأفضل له فأتاه بها فقال له عبد الله : ما هذا ؟ فقال : هي فضلة من شراب النبيّ صلى الله عليه وسلم جئتك بها تشربها لعل الله يطهّر قلبك بها . فقال له أبوه : فهلا جئتني ببول أمك فإنه أطهر منها . فغضب وجاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وقال : يا رسول الله ! أما أذنت لي في قتل أبي ؟ فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : « بل ترفق به وتحسن إليه » . وقال ٱبن جريج : حُدِّثت أن أبا قُحافة سب النبيّ صلى الله عليه وسلم فصكّه أبو بكر ٱبنه صكةً فسقط منها على وجهه ، ثم أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلَك له ، فقال : « أو فعلته ، لا تعد إليه » فقال : والذي بعثك بالحق نبيّاً لو كان السيف مني قريباً لقتلته " وقال ٱبن مسعود : نزلت في أبي عبيدة بن الجراح قتل أباه عبد الله ابن الجراح يوم أُحد وقيل : يوم بدر . وكان الجراح يتصدّى لأبي عبيدة وأبو عبيدة يحيد عنه ، فلما أكثر قصد إليه أبو عبيدة فقتله فأنزل الله حين قتل أباه : { لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } الآية . قال الواقدي : كذلك يقول أهل الشام . ولقد سألت رجالاً من بني الحرث بن فهر فقالوا : توفي أبوه من قبل الإسلام . { أَوْ أَبْنَآءَهُمْ } يعني أبا بكر دعى ٱبنه عبد الله إلى البراز يوم بدر ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " مَتِّعْنَا بنفسك يا أبا بكر أما تعلم أنك عندي بمنزلة السمع والبصر " { أَوْ إِخْوَانَهُمْ } يعني مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يوم بدر . { أَوْ عَشِيرَتَهُمْ } يعني عمر بن الخطاب قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر ، وعليّاً وحمزة قتلا عُتبة وشيبة والوليد يوم بدر . وقيل : إن الآية نزلت في حاطب بن أبي بَلْتَعة ، لما كتب إلى أهل مكة بمسير النبيّ صلى الله عليه وسلم عام الفتح على ما يأتي بيانه أوّل سورة « الممتحنة » إن شاء الله تعالى . بيّن أن الإيمان يفسد بموالاة الكفار وإن كانوا أقارب . الثانية : ٱستدل مالك رحمه الله من هذه الآية على معاداة القَدَرية وترك مجالستهم . قال أشهب عن مالك : لا تجالس القَدَرية وعادِهم في الله لقوله تعالى : { لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } . قلت : وفي معنى أهل القدر جميع أهل الظلم والعدوان . وعن الثوري أنه قال : كانوا يرون أنها نزلت في مَن كان يصحب السلطان . وعن عبد العزيز بن أبي داود أنه لقي المنصور في الطواف فلما عرفه هرب منه وتلاها . وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : " اللّهم لا تجعل لفاجر عندي نعمة فإني وجدت فيما أوحيت { لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } إلى قوله { أُوْلَـٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَانَ } " أي خلق في قلوبهم التصديق يعني من لم يوال من حاد الله . وقيل : كتب أثبت قاله الربيع بن أنس . وقيل : جعل كقوله تعالى : { فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّاهِدِينَ } [ آل عمران : 53 ] أي ٱجعلنا . وقوله : { فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } [ الأعراف : 156 ] وقيل : « كَتَبَ » أي جمع ، ومنه الكَتيبة أي لم يكونوا ممن يقول نؤمن ببعض ونكفر ببعض . وقراءة العامة بفتح الكاف من « كَتَبَ » ونصب النون من « الإيمان » بمعنى كَتَبَ الله وهو الأجود لقوله تعالى : { وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ } وقرأ أبوالعالية وزِرّ بن حُبيش والمفضل عن عاصم « كُتِبَ » على ما لم يسمّ فاعله « الإيمَانُ » برفع النون . وقرأ زِرّ بن حُبيش « وَعَشِيرَاتِهِمْ » بألف وكسر التاء على الجمع ، ورواها الأعمش عن أبي بكر عن عاصم . وقيل : كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ » أي على قلوبهم ، كما في قوله { فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ } وخص القلوب بالذكر لأنها موضع الإيمان . « وَأَيَّدَهُمْ » قوّاهم ونصرهم بروح منه قال الحسن : وبنصر منه . وقال الربيع بن أنس : بالقرآن وحججه . وقال ٱبن جريج : بنور وإيمان وبرهان وهدى . وقيل : برحمة من الله . وقال بعضهم : أيدهم بجبريل عليه السلام . { وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ } أي قبل أعمالهم { وَرَضُواْ عَنْهُ } فرحوا بما أعطاهم { أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ ٱللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } قال سعيد بن أبي سعيد الجرجاني عن بعض مشايخه ، قال داود عليه السلام : إلٰهي ! مَن حزبك وحول عرشك ؟ فأوحى الله إليه : « يا داود الغاضّةُ أبصارهم ، النقية قلوبهم ، السليمة أكفهم أولئك حزبي وحول عرشي » .