Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 14-14)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً } يعني اليهود { إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ } أي بالحيطان والدُّور يظنون أنها تمنعهم منكم . { أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ } أي من خلف حيطان يستترون بها لجُبْنِهم وَرَهْبَتِهم . وقراءة العامة « جُدُرٍ » على الجمع ، وهو اختيار أبي عبيدة وأبي حاتم لأنها نظير قوله تعالى : { فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ } وذلك جمع . وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن كثير وابن مُحَيْصِن وأبو عمرو « جِدَارٍ » على التوحيد لأن التوحيد يؤدى عن الجمع . وروي عن بعض المكّيين « جَدْر » بفتح الجيم وإسكان الدال وهي لغة في الجدار . ويجوز أن يكون معناه من وراء نخيلهم وشجرهم يقال : أجْدَر النخل إذا طلعت رؤوسه في أوّل الربيع . والجِدْر : نبتٌ واحدته جِدْرة . وقُرِىء « جُدْر » بضم الجيم وإسكان الدال جمع الجدار . ويجوز أن تكون الألف في الواحد كألف كِتاب ، وفي الجمع كألف ظِراف . ومثله ناقة هِجَانٌ ونُوقٌ هجان لأنك تقول في التثنية : هجانان فصار لفظ الواحد والجمع مشتبهين في اللفظ مختلفين في المعنى قاله ابن جِنيّ . قوله تعالى : { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } يعني عداوة بعضهم لبعض . وقال مجاهد : { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } أي بالكلام والوعيد لنفعلن كذا . وقال السدّي : المراد اختلاف قلوبهم حتى لا يتفقوا على أمر واحد . وقيل : { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } أي إذا لم يلقَوْا عدوّاً نسبوا أنفسهم إلى الشدة والبأس ، ولكن إذا لَقُوا العدوّ انهزموا . { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ } يعني اليهود والمنافقين قاله مجاهد . وعنه أيضاً يعني المنافقين . الثورِيّ : هم المشركون وأهل الكتاب . وقال قتادة : { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً } أي مجتمعين على أمر ورأي . { وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ } متفرّقة . فأهل الباطل مختلفة آراؤهم ، مختلفة شهادتهم ، مختلفة أهواؤهم وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق . وعن مجاهد أيضاً : أراد أن دين المنافقين مخالف لدين اليهود وهذا ليقوّي أنفس المؤمنين عليهم . وقال الشاعر : @ إلى الله أشكو نِيَّةً شَقّت العَصَا هي اليوم شَتَّى وهي أمس جُمَّعُ @@ وفي قراءة ابن مسعود « وقلوبهم أشَتّ » يعني أشدّ تشتيتاً أي أشدّ اختلافاً . { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } أي ذلك التشتيت والكفر بأنهم لا عقل لهم يعقلون به أمر الله .