Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 23-23)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ } أي المنزّه عن كل نقص ، والطاهر عن كل عيب . والقَدَس بالتحريك : السَّطْل بلغة أهل الحجاز لأنه يتطهر به . ومنه القادوس لواحد الأواني التي يستخرج بها الماء من البئر بالسانِية . وكان سِيبويه يقول : قَدُّوس وسَبُّوح بفتح أوّلهما . وحكى أبو حاتم عن يعقوب أنه سمع عند الكسائيّ أعرابياً فصيحاً يُكْنَى أبا الدينار يقرأ « القَدّوس » بفتح القاف . قال ثعلب : كل اسم على فَعُّول فهو مفتوح الأوّل مثل سَفُّود وكَلُّوب وتَنّور وسَمُّور وشَبُّوط ، إلا السُّبّوح والقُدوس فإن الضم فيهما أكثر وقد يفتحان . وكذلك الذُّرّوح بالضم وقد يفتح . { ٱلسَّلاَمُ } أي ذو السلامة من النقائص . وقال ابن العربيّ : اتفق العلماء رحمة الله عليهم على أن معنى قولنا في الله « السَّلاَمُ » : النسبة ، تقديره ذو السلامة . ثم اختلفوا في ترجمة النسبة على ثلاثة أقوال : الأوّل معناه الذي سلِم من كل عيب وبَرِىء من كل نقص . الثاني معناه ذو السلام أي المسلم على عباده في الجنة كما قال : { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } [ يس : 58 ] . الثالث أن معناه الذي سلم الخلقُ من ظلمه . قلت : وهذا قول الخطابي وعليه والذي قبله يكون صفة فعل . وعلى أنه البريء من العيوب والنقائص يكون صفة ذات . وقيل : السلام معناه المسلِّم لعباده . { ٱلْمُؤْمِنُ } أي المصدّق لرسله بإظهار معجزاته عليهم ، ومصدق المؤمنين ما وعدهم به من الثواب ، ومصدق الكافرين ما أوعدهم من العقاب . وقيل : المؤمن الذي يؤمِّن أولياءه من عذابه ، ويؤمن عباده من ظلمه يقال : آمنه من الأمان الذي هو ضدّ الخوف كما قال تعالى : { وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } [ قريش : 4 ] فهو مؤمن قال النابغة : @ والمُؤمِن العائذاتِ الطيرَ يَمْسَحُها رُكْبانُ مَكَّةَ بين الغِيلِ والسَّنَدِ @@ وقال مجاهد : المؤمن الذي وَحّد نفسه بقوله : { شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } [ آل عمران : 18 ] . وقال ابن عباس : إذا كان يوم القيامة أخرج أهل التوحيد من النار . وأوّل من يخرج من وافق اسمه اسم نبيّ ، حتى إذا لم يبق فيها من يوافق اسمه اسم نبيّ قال الله تعالى لباقيهم : أنتم المسلمون وأنا السلام ، وأنتم المؤمنون وأنا المؤمن ، فيخرجهم من النار ببركة هذين الإسمين . { ٱلْمُهَيْمِنُ ٱلْعَزِيزُ } تقدّم الكلام في المهيمن في « المائدة » وفي « العزيز » في غير موضع ، { ٱلْجَبَّارُ } قال ابن عباس : هو العظيم . وجبروت الله عظمته . وهو على هذا القول صفة ذات من قولهم : نخلة جَبَّارة . قال امرؤ القيس : @ سوامق جبَّار أثِيث فروعهُ وعالين قنواناً من البُسْر أحمرا @@ يعني النخلة التي فاتت اليَدَ . فكان هذا الاسم يدل على عظمة الله وتقديسه عن أن تناله النقائص وصفات الحدث . وقيل : هو من الجَبْر وهو الإصلاح ، يقال : جبرت العظم فجبَر ، إذا أصلحته بعد الكسر ، فهو فعال من جبر إذا أصلح الكسير وأغنى الفقير . وقال الفراء : هو من أجبره على الأمر أي قهره . قال : ولم أسمع فعّالاً من أفعل إلا في جبار ودرّاك من أدرك . وقيل : الجبار الذي لا تطاق سطوته . { ٱلْمُتَكَبِّرُ } الذي تكبر بربوبيّته فلا شيء مثله . وقيل : المتكبر عن كل سوء ، المتعظم عما لا يليق به من صفات الحدث والذم . وأصل الكبر والكبرياء الامتناع وقلة الانقياد . وقال حميد بن ثور : @ عَفَت مثل ما يعفو الفَصيل فأصبحت بها كبرياء الصعب وهي ذلول @@ والكبرياء في صفات الله مدح ، وفي صفات المخلوقين ذم . وفي الصحيح عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى أنه قال : " الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني في واحد منهما قصمته ثم قذفته في النار " وقيل : المتكبر معناه العالي . وقيل : معناه الكبير لأنه أجلّ من أن يتكلف كبراً . وقد يقال : تظلّم بمعنى ظلم ، وتشتّم بمعنى شتم ، واستقر بمعنى قرّ . كذلك المتكبر بمعنى الكبير . وليس كما يوصف به المخلوق إذا وصف بتفعل إذا نسب إلى ما لم يكن منه . ثم نَزَّه نفسه فقال : { سُبْحَانَ ٱللَّهِ } أي تنزيهاً لجلالته وعظمته { عَمَّا يُشْرِكُونَ } .