Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 130-130)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يَامَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ } أي يوم نحشرهم نقول لهم ألم يأتكم رسل ، فحذف فيعترفون بما فيه افتضاحهم . ومعنى « منكم » في الخلق والتكليف والمخاطبة . ولما كانت الجن ممن يُخاطب ويعقل قال : « منكم » وإن كانت الرسل من الإنس وغلّب الإنس في الخطاب كما يُغلّب المذكر على المؤنث . وقال ابن عباس : رسل الجن هم الذين بلّغوا قومَهم ما سمعوه من الوحي كما قال : { وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } [ الأحقاف : 29 ] . وقال مُقاتِل والضحّاك : أرسل الله رسلاً من الجن كما أرسل من الإنس . وقال مجاهد : الرسل من الإنس ، والنُّذُر من الجن ثم قرأ « إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ » . وهو معنى قولِ ابن عباس ، وهو الصحيح على ما يأتي بيانه في « الأحقاف » . وقال الكلبيّ : كانت الرسل قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم يُبعثون إلى الإنس والجن جميعاً . قلت : وهذا لا يصحّ ، بل في صحيح مسلم من حديث جابر ابن عبد الله الأنصاريّ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعطيتُ خمساً لم يُعطهُنّ نبيّ قبلي كان كلّ نبيّ يُبعث إلى قومه خاصّةً وبُعثتُ إلى كل أحمرَ وأسوَد " الحديث . على ما يأتي بيانه في « الأحقاف » . وقال ابن عباس : كانت الرسل تُبعث إلى الإنس وإن محمداً صلى الله عليه وسلم بُعث إلى الجن والإنس ذكره أبو الليث السَّمَرْقَنْدِيّ . وقيل : كان قوم من الجن ٱستمعوا إلى الأنبياء ثم عادوا إلى قومهم وأخبروهم كالحال مع نبينا عليه السلام . فيقال لهم رسل الله ، وإن لم يُنصّ على إرسالهم . وفي التنزيل : { يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } [ الرحمن : 22 ] أي من أحدهما ، وإنما يخرج من المِلح دون العَذْب ، فكذلك الرسل من الإنس دون الجن فمعنى « منكم » أي من أحدكم . وكان هذا جائزاً لأن ذكرهما سبق . وقيل : إنما صيّر الرسل في مخرج اللفظ من الجميع لأن الثَّقَلين قد ضمتهما عَرْصة القيامة ، والحساب عليهم دون الخلق فلما صاروا في تلك العَرْصة في حساب واحد في شأن الثواب والعقاب خوطبوا يومئذ بمخاطبة واحدة كأنهم جماعة واحدة لأن بدء خلقهم للعبودية ، والثوابُ والعِقاب على العبودية ، ولأن الجن أصلهم من مارج من نار ، وأصلنا من تراب ، وخلقهم غير خلقنا فمنهم مؤمن وكافر . وعدوّنا إبليس عدوّ لهم ، يعادي مؤمنهم ويُوالِي كافرهم . وفيهم أهواء : شِيعَةٌ وقدريّة ومُرْجئة يتلون كتابنا . وقد وصف الله عنهم في سورة « الجن » من قوله : « وَأَنَّا مِنَّا المُسْلِمُونَ ومِنَّا القَاسِطُونَ » . { وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً } [ الجن : 11 ] على ما يأتي بيانه هناك . { يَقُصُّونَ } في موضع رفع نعت لرسل . { قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنْفُسِنَا } أي شهدنا أنهم بلّغوا . { وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } قيل : هذا خطاب من الله للمؤمنين أي أن هؤلاء قد غرّتهم الحياة الدنيا ، أي خدعتهم وظنّوا أنها تدوم ، وخافوا زوالها عنهم إن آمنوا . { وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ } أي ٱعترفوا بكفرهم . قال مُقاتل : هذا حين شهدت عليهم الجوارح بالشرك وبما كانوا يعملون .