Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 13-16)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالىٰ : { وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } أي ثبت ، وهذا ٱحتجاج عليهم أيضاً . وقيل : نزلت الآية لأنهم قالوا : علمنا أنه ما يحملك على ما تفعل إلاَّ الحاجة ، فنحن نجمع لك من أموالنا حتى تصير أغنانا فقال الله تعالىٰ : أخبِرهم أن جميع الأشياء لله ، فهو قادر على أن يغنيني . و { سَكَنَ } معناه هدأ وٱستقر والمراد ما سكن وما تحرك ، فحُذِف لعلم السامع . وقيل : خص الساكن بالذكر لأن ما يعمه السكون أكثر مما تعمه الحركة . وقيل : المعنى ما خلق ، فهو عام في جميع المخلوقات متحركها وساكنها ، فإنه يجري عليه الليل والنهار وعلى هذا فليس المراد بالسكون ضد الحركة بل المراد الخلق ، وهذا أحسن ما قيل لأنه يجمع شتات الأقوال . { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ } لأصواتهم { ٱلْعَلِيمُ } بأسرارهم . قوله تعالىٰ : { قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً } مفعولان لما دعوه إلى عبادة الأصنام دين آبائه أنزل الله تعالىٰ { قُلْ } يا محمد : { أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً } أي رباً ومعبوداً وناصراً دون الله . { فَاطِرِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } بالخفض على النعت لاسم الله وأجاز الأخفش الرفع على إضمار مبتدأ . وقال الزجاج : ويجوز النصب على المدح . أبو عليّ الفارسيّ : ويجوز نصبه على فعل مضمر كأنه قال : أترك فاطر السَّمٰوات والأرض ؟ لأن قوله : { أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً } يدل على ترك الولاية له ، وحسن إضماره لقوة هذه الدلالة . { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ } كذا قراءة العامة ، أي يَرزُق ولا يُرزَق دليله قوله تعالىٰ : { مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ } [ الذاريات : 57 ] . وقرأ سعيد بن جُبَير ومجاهد والأعمش : وهو يُطْعِمُ وَلاَ يَطْعَمُ ، وهي قراءة حسنة أي أنه يرزق عباده ، وهو سبحانه غير محتاج إلى ما يحتاج إليه المخلوقون من الغذاء . وقُرِىء بضم الياء وكسر العين في الفِعلين ، أي إن الله يُطعِم عباده ويرزقهم والوليّ لا يُطعِم نفسه ولا من يتخذه . وقُرِىء بفتح الياء والعين في الأوّل أي الوليّ « وَلاَ يُطْعِمُ » بضم الياء وكسر العين . وخص الإطعام بالذكر دون غيره من ضروب الإنعام لأن الحاجة إليه أمسُّ لجميع الأنام . { قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ } أي ٱستسلم لأمر الله تعالىٰ . وقيل : أوّل من أخلص أي من قومي وأُمّتي عن الحسن وغيره . { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكينَ } أي وقيل لي : { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكينَ } . { قُلْ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي } أي بعبادة غيره أن يعذبني ، والخوف توقع المكروه . قال ٱبن عباس : « أخاف » هنا بمعنى أعلم . { مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ } أي العذاب { يَوْمَئِذٍ } يوم القيامة { فَقَدْ رَحِمَهُ } أي فاز ونجا ورُحِم . وقرأ الكوفيون « مَّن يَصْرِفْ » بفتح الياء وكسر الراء ، وهو ٱختيار أبي حاتم وأبي عُبيد لقوله : { قُل لِّمَن مَّا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ قُل للَّهِ } ولقوله : { فَقَدْ رَحِمَهُ } ولم يقل رُحِم على المجهول ، ولقراءة أبيّ « مَنْ يَصْرِفْهُ اللهُ عَنْهُ » وٱختار سيبويه القراءة الأُولى قراءة أهل المدينة وأبي عمرو قال سيبويه : وكلما قَلَّ الإضمار في الكلام كان أولى فأما قراءة من قرأ « مَنْ يَصْرِفْ » بفتح الياء فتقديره : من يصرف الله عنه العذاب ، وإذا قُرِىء « مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ » فتقديره : من يُصرَف عنه العذابُ . { وَذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ } أي النجاة البيِّنة .