Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 39-41)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالىٰ : { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ } ٱبتداء وخبر ، أي عدِموا الانتفاع بأسماعهم وأبصارهم فكل أُمة من الدواب وغيرها تهتدي لمصالحها والكفار لا يهتدون وقد تقدّم في « البقرة » . { فِي ٱلظُّلُمَاتِ } أي ظلمات الكفر . وقال أبو علي : يجوز أن يكون المعنى « صم وبكم » في الآخرة فيكون حقيقة دون مجاز اللغة . { مَن يَشَإِ ٱللَّهُ يُضْلِلْهُ } دلّ على أنه شاء ضلال الكافر وأراده لينفذ فيه عدله ألا ترى أنه قال : { وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } أي على دين الإسلام لينفذ فيه فضله . وفيه إبطال لمذهب القَدَرية . والمشيئة راجعة إلى الذين كذبوا ، فمنهم من يضله ومنهم من يهديه . قوله تعالىٰ : { قُلْ أَرَأَيْتَكُم } وقرأ نافع بتخفيف الهمزتين ، يلقي حركة الأُولى على ما قبلها ، ويأتي بالثانية بَيْن بَيْن . وحكى أبو عُبيد عنه أنه يسقط الهمزة ويعوض منها ألفاً . قال النحاس : وهذا عند أهل العربية غلط عليه لأن الياء ساكنة والألف ساكنة ولا يجتمع ساكنان . قال مكيّ : وقد روي عن وَرْش أنه أبدل من الهمزة ألفاً لأن الرواية عنه أنه يمدّ الثانية ، والمد لا يتمكن إلاَّ مع البدل ، والبدل فرع عن الأُصول ، والأصل أن تجعل الهمزة بين الهمزة المفتوحة والألف وعليه كل من خفّف الثانية غير وَرْش وحسن جواز البدل في الهمزة وبعدها ساكن لأن الأوّل حرف مدّ ولِين ، فالمدّ الذي يحدث مع الساكن يقوم مقام حركة يوصل بها إلى النطق بالساكن الثاني . وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة { أَرَأَيْتَكُم } بتحقيق الهمزتين وأتوا بالكلمة على أصلها ، والأصل الهمز لأن همزة الاستفهام دخلت على « رأيت » فالهمزة عين الفعل ، والياء ساكنة لاتصال المضمر المرفوع بها . وقرأ عيسى بن عمر والكسائي { أَرَأَيْتَكُم } بحذف الهمزة الثانية . قال النحاس : هذا بعيد في العربية ، وإنما يجوز في الشعر والعرب تقول : أرأيتك زيداً ما شأنه . ومذهب البصريين أن الكاف والميم للخطاب ، لاحظ لهما في الإعراب وهو اختيار الزجاج . ومذهب الكسائي والفراء وغيرهما أن الكاف والميم نصب بوقوع الرؤية عليهما ، والمعنى أرأيتم أنفسكم فإذا كانت للخطاب زائدة للتأكيد كان « إن » من قوله { إِنْ أَتَاكُمْ } في موضع نصب على المفعول لرأيت ، وإذا كان ٱسماً في موضع نصب فـ « ـإن » في موضع المفعول الثاني فالأوّل من رؤية العين لتعدّيها لمفعول واحد ، وبمعنى العلم تتعدّى إلى مفعولين . وقوله : { أَوْ أَتَتْكُمْ ٱلسَّاعَةُ } المعنى : أو أتتكم الساعة التي تبعثون فيها . ثم قال : { أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } والآية في محاجَّة المشركين ممن ٱعترف أن له صانعاً أي أنتم عند الشدائد ترجعون إلى الله ، وسترجعون إليه يوم القيامة أيضاً فلم تصرّون على الشرك في حال الرفاهية ؟ ! وكانوا يعبدون الأصنام ويدعون الله في صرف العذاب . قوله تعالىٰ : { بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ } « بل » إضراب عن الأوّل وإيجاب للثاني . « إياه » نصب بـ « تدعون » { فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَآءَ } أي يكشف الضرّ الذي تدعون إلى كشفه إن شاء كشفه . { وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } قيل : عند نزول العذاب . وقال الحسن : أي تعرضون عنه إعراض الناسِي ، وذلك لليأس من النجاة من قِبله إذ لا ضرر فيه ولا نفع . وقال الزجاج : يجوز أن يكون المعنى وتتركون . قال النحاس : مثل قوله : { وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ } [ طه : 115 ] .