Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 84-86)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه ثلاث مسائل : الأولى : قوله تعالى : { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } أي جزاءً له على الاحتجاج في الدِّين وبذل النفس فيه . { كُلاًّ هَدَيْنَا } أي كل واحد منهم مهتد . و « كُلاًّ » نصب بـ « هدينا » { وَنُوحاً } نصب بـ « هدينا » الثاني . { وَمِن ذُرِّيَّتِهِ } أي ذرّية إبراهيم . وقيل : من ذرية نوح قاله الفرّاء وٱختاره الطَّبريّ وغير واحد من المفسرين كالقُشيرِيّ وابن عطية وغيرهما . والأوّل قاله الزجاج ، واعترض بأنه عُدّ من هذه الذرّية يونس ولوط وما كانا من ذرّية إبراهيم . وكان لوطٌ ابن أخيه . وقيل : ابنَ أختِه . وقال ابن عباس : هؤلاء الأنبياء جميعاً مضافون إلى ذرّية إبراهيم ، وإن كان فيهم مَن لم تلحقه وِلادة من جهته من جهة أب ولا أمّ لأن لوطاً ٱبن أخي إبراهيم . والعرب تجعل العَمَّ أباً كما أخبر الله عن ولد يعقوب أنهم قالوا : { نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ } [ البقرة : 133 ] . وإسماعيل عمُّ يعقوب . وعدّ عيسى من ذريّة إِبراهيم وإنما هو ٱبن البنت . فأولاد فاطمة رضي الله عنها ذرّية النبيّ صلى الله عليه وسلم . وبهذا تمسّك من رأى أن ولد البنات يدخلون في اسم الولد وهي : الثانية : قال أبو حنيفة والشافعيّ : من وقَف وقفاً على ولده وولد ولده أنه يدخل فيه ولد ولده وولد بناته ما تناسلوا . وكذلك إذا أوصى لقرابته يدخل فيه ولد البنات . والقرابة عند أبي حنيفة كلُّ ذي رَحِم مَحْرم . ويسقط عنده ٱبن العَمّ والعمة وابن الخال والخالة لأنهم ليسوا بمَحْرمين . وقال الشافعيّ : القرابة كلّ ذي رحم مَحرَم وغيره . فلم يسقط عنده ابن العمّ ولا غيره . وقال مالك : لا يدخل في ذلك ولد البنات . وقوله : لقرابتي وعقبي كقوله : لولدي وولد ولدي . يدخل في ذلك ولد البنين ومن يرجع إلى عَصَبة الأب وصُلْبه ، ولا يدخل في ذلك ولد البنات . وقد تقدّم نحو هذا عن الشافعيّ في « آل عمران » . والحجة لهما قوله سبحانه : { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلاَدِكُمْ } [ النساء : 11 ] فلم يَعقِل المسلمون من ظاهر الآية إلا ولدَ الصُّلْب وولد الابن خاصّةً . وقال تعالى : { وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ } [ الأنفال : 41 ] فأعطى عليه السلام القرابة منهم من أعمامه دون بني أخواله . فكذلك ولد البنات لا ينتمون إليه بالنسب ، ولا يلتقون معه في أب . قال ابن القصّار : وحجة من أدخل البنات في الأقارب " قولُه عليه السلام للحسن بن عليّ : « إن ٱبني هذا سيّد » " ولا نعلم أحداً يمتنع أن يقول في ولد البنات إنهم ولد لأبي أمّهم . والمعنى يقتضي ذلك لأن الولد مشتق من التولُّد وهم متولدون عن أبي أمّهم لا محالة والتولّد من جهة الأمّ كالتولّد من جهة الأب . وقد دلّ القرآن على ذلك ، قال الله تعالى : { وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ } إلى قوله : { مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } فجعل عيسى من ذرّيته وهو ٱبن ٱبنته . الثالثة : قد تقدّم في « النساء » بيان ما لا ينصرف من هذه الأسماء . ولم ينصرف داود لأنه ٱسم أعجمِيّ ، ولمّا كان على فاعول لا يحسُن فيه الألف واللام لم ينصرف . وإلياس أعجمِيّ . قال الضحاك : كان إلياس من ولد إسماعيل . وذكر القُتَبي قال : كان من سِبط يُوشع بن نون . وقرأ الأعرج والحسن وقَتادة « وٱلياس » بوصل الألف . وقرأ أهل الحَرَمين وأبو عمرو وعاصم « والْيَسَع » بلام مخففة . وقرأ الكوفيون إلا عاصماً « واللَّيْسع » . وكذا قرأ الكسائِيّ ، وردّ قراءة من قرأ « والْيَسع » قال : لأنه لا يقال اليَفْعَل مثل الْيَحْيَـى . قال النحاس : وهذا الردّ لا يلزم ، والعرب تقول : الْيَعْمَل والْيحْمَد ، ولو نكّرت يحيى لقلت اليحيى . وردّ أبو حاتم على من قرأ « اللَّيْسع » وقال : لا يوجد لَيْسع . وقال النحاس : وهذا الرّد لا يلزم ، فقد جاء في كلام العرب حَيْدَر وزَيْنَب ، والحَقُّ في هذا أنه ٱسم أعجمِيّ ، والعُجْمة لا تؤخذ بالقياس إنما تؤخذ سماعاً والعرب تغيّرها كثيراً ، فلا يُنكر أن يأتي الإسم بلغتين . قال مَكِّيّ : من قرأ بلامين فأصل الاسم لَيْسع ، ثم دخلت الألف واللام للتعريف . ولو كان أصله يسع ما دخلته الألف واللام إذ لا يدخلان على يزيد ويشكر : ٱسمين لرجلين لأنهما معرفتان علَمان . فأما « ليسع » نكرة فتدخله الألف واللام للتعريف ، والقراءة بلام واحدة أحبّ إليّ لأن أكثر القراء عليه . وقال المَهْدَوِيّ : من قرأ « اليسع » بلام واحدة فالاسم يسع ، ودخلت الألف واللام زائدتين ، كزيادتهما في نحو الخمسة عشر ، وفي نحو قوله : @ وَجَدْنا اليَزِيدَ بنَ الوليد مباركاً شديداً بأعباء الخلافة كاهِلُه وقد زادوها في الفعل المضارع نحو قوله : فيستخرج اليَرْبُوع من نافِقَائه ومن بيته بالشِّيخة الْيَتَقَصّعُ @@ يريد الذي يتقصّع . قال القُشَيْريّ : قرىء بتخفيف اللام والتشديد . والمعنى واحد في أنه ٱسم لنبيّ معروف مثل إسماعيل وإبراهيم ، ولكن خرج عما عليه الأسماء الأعجمية بإدخال الألف واللام . وتوهّم قوم أن اليسع هو إلياس ، وليس كذلك لأن الله تعالى أفرد كل واحد بالذِّكر . وقال وهب : اليسع هو صاحب إلياس ، وكانا قبل زكرياء ويحيـى وعيسى . وقيل : إلياس هو إدريس وهذا غير صحيح لأن إدريس جدّ نوح وإلياس من ذرّيته . وقيل : إلياس هو الخضر . وقيل : لا ، بل الْيَسع هو الخضر . « ولوطاً » اسم أعجميّ انصرف لخفّته . وسيأتي اشتقاقه في « الأعراف » .