Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 91-91)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } أي فيما وجب له وٱستحال عليه وجاز . قال ٱبن عباس : ما آمنوا أنه على كل شيء قدير . وقال الحسن : ما عظّموه حقَّ عظمته . وهذا يكون من قولهم : لفلان قَدر . وشرحُ هذا أنهم لما قالوا : { مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ } نَسَبُوا الله عز وجل إلى أنه لا يقيم الحجة على عباده ، ولا يأمرهم بما لهم فيه الصلاح فلم يعظِّموه حقَّ عظمته ولا عرفوه حقَّ معرفته . وقال أبو عبيدة : أي ما عرفوا الله حقّ معرفته . قال النحاس : وهذا معنى حسن لأن معنى قدرت الشيء وقدّرته عرفت مقداره . ويدلّ عليه قوله تعالى : { إذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ } أي لم يعرفوه حق معرفته إذ أنكروا أن يرسل رسولا . والمعنيان متقاربان . وقد قيل : وما قدروا نِعم الله حق تقديرها . وقرأ أبو حَيْوَة : { وما قدروا الله حق قدَره } بفتح الدال ، وهي لغة . { إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ } قال ٱبن عباس وغيره : يعني مشركي قريش . وقال الحسن وسعيد بن جبير : الذي قاله أحد اليهود ، قال : لم يُنزل الله كتاباً من السماء . قال السُّدِّي : اسمه فنحاص . وعن سعيد بن جُبير أيضاً قال : هو " مالك بن الصَّيف ، جاء يخاصم النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم : « أَنْشُدُك بالذي أنزل التوراة على موسى أما تجد في التوراة أن الله يبغض الحَبْر السّمِين » ؟ وكان حبراً سميناً . فغضب وقال : والله ما أنزل الله على بشرٍ من شيء . فقال له أصحابه الذين معه : ويحكٰ ولا على موسى ؟ فقال : والله ما أنزل الله على بَشَرٍ من شيء فنزلت الآية " ثم قال نقضاً لقولهم وردًّا عليهم : { قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ } أي في قراطيس { تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً } هذا لليهود الذين أخفَوْا صفة النبيّ صلى الله عليه وسلم وغيرها من الأحكام . وقال مجاهد : قوله تعالى « قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى » خطاب للمشركين ، وقوله : « يجعلونه قراطيس » لليهود وقوله { وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ } للمسلمين . وهذا يصحّ على قراءة من قرأ « يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون » بالياء . والوجه على قراءة التاء أن يكون كله لليهود ، ويكون معنى « وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا » أي وعلّمتم ما لم تكونوا تعلمونه أنتم ولا آباؤكم ، على وجه المَنّ عليهم بإنزال التوراة . وجعلت التوراة صُحُفاً فلذلك قال « قراطيس تبدونها » أي تبدون القراطيس . وهذا ذَمّ لهم ولذلك كره العلماء كتب القرآن أجزاء . { قُلِ ٱللَّهُ } أي قل يا محمد الله الذي أنزل ذلك الكتاب على موسى وهذا الكتاب عليّ . أو قل الله علمكم الكتاب . { ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ } أي لاعبين ، ولو كان جواباً للأمر لقال يلعبوا . ومعنى الكلام التهديد . وقيل : هو من المنسوخ بالقتال ثم قيل : « يجعلونه » في موضع الصفة لقوله « نُوراً وَهُدًى » فيكون في الصلة . ويحتمل أن يكون مستأنفاً ، والتقدير : يجعلونه ذا قراطيس . وقوله : « يُبْدُونَهَا وَيُخْفُونَ كَثِيراً » يحتمل أن يكون صفة لقراطيس لأن النكرة توصف بالجُمل . ويحتمل أن يكون مستأنفاً حسبما تقدّم .