Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 94-94)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ } هذه عبارة عن الحشر . و « فُرَادَى » في موضع نصب على الحال ، ولم ينصرف لأن فيه ألفَ تأنيث . وقرأ أبو حَيْوة « فراداً » بالتنوين وهي لغة تميم ، ولا يقولون في موضع الرفع فُرَادٌ . وحكى أحمد بن يحيـى « فُرَادَ » بلا تنوين ، قال : مثل ثلاث ورباع و « فُرادى » جمع فُرْدان كسُكارى جمع سكران ، وكُسالى جمع كسلان . وقيل : واحده « فَرْد » بجزم الراء ، « وفرِد » بكسرها ، و « فرد » بفتحها ، و « فرِيد » . والمعنى : جئتمونا واحداً واحداً ، كل واحد منكم منفرداً بلا أهل ولا مال ولا ولد ولا ناصر ممن كان يصاحبكم في الغَيّ ، ولم ينفعكم ما عبدتم من دون الله . وقرأ الأعرج « فَرْدَى » مثل سكرى وكسلى بغير ألف . { كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } أي منفردين كما خُلقتم . وقيل : عُراة كما خرجتم من بطون أمهاتكم حُفاة غُرْلاً بُهْماً ليس معهم شيء . وقال العلماء : يُحشر العبدُ غداً وله من الأعضاء ما كان له يومَ وُلد فمن قُطع منه عضو يردّ في القيامة عليه . وهذا معنى قوله : « غُرْلاً » أي غير مختونين ، أي يردّ عليهم ما قُطع منه عند الختان . قوله تعالى : { وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَاكُمْ } أي أعطيناكم وملّكنَاكم . والخَوَل : ما أعطاه الله للإنسان من العبيد والنعم . { وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ } أي خلفكم . { وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ } أي الذين عبدتموهم وجعلتموهم شركاء يريد الأصنام أي شركائي . وكان المشركون يقولون : الأصنام شركاء الله وشفعاؤنا عنده . { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } قرأ نافع والكسائِيّ وحَفْص بالنصب على الظرف ، على معنى لقد تقطع وصلُكم بينكم . ودلّ على حذف الوصل قوله « وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ » . فدلّ هذا على التقاطع والتهاجر بينهم وبين شركائهم : إذ تبرءوا منهم ولم يكونوا معهم . ومقاطعتهم لهم هو تركهم وصلهم لهم فحُسن إضمار الوصل بعد « تقطّع » لدلالة الكلام عليه . وفي حرف ٱبن مسعود ما يدلّ على النصب فيه « لقد تقطّع ما بينكم » . وهذا لا يجوز فيه إلا النصب ، لأنك ذكرت المتقطّع وهو « ما » . كأنه قال : لقد تقطّع الوصل بينكم . وقيل : المعنى لقد تقطّع الأمر بينكم . والمعنى متقارب . وقرأ الباقون « بَيْنُكُمْ » بالرفع على أنه اسم غير ظرف ، فأسنِد الفعل إليه فرُفع . ويقوّي جعل « بين » ٱسماً من جهة دخول حرف الجر عليه في قوله تعالى : { وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } [ فصلت : 5 ] و { هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ } [ الكهف : 78 ] . ويجوز أن تكون قراءة النصب على معنى الرفع ، وإنما نصب لكثرة استعماله ظرفاً منصوباً وهو في موضع رفع ، وهو مذهب الأخفش فالقراءتان على هذا بمعنى واحد ، فٱقرأ بأيّهما شئت . { وَضَلَّ عَنكُم } أي ذهب . { مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } أي تكذّبون به في الدنيا رُوي أن الآية نزلت في النضر بن الحارث . " ورُوي أن عائشة رضي الله عنها قرأت قول الله تعالى : « وَلَقَدْ جِئْتُمونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ » فقالت : يا رسول الله ، وَاسَوْءتاهٰ إن الرجال والنساء يحشرون جميعاً ، ينظر بعضهم إلى سَوْءة بعض ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لكل ٱمرىء منهم يومئذ شأنٌ يُغْنِيه لا ينظر الرجال إلى النساء ولا النساء إلى الرجال شُغل بعضهم عن بعض » " وهذا حديث ثابت في الصحيح أخرجه مسلم بمعناه .