Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 60, Ayat: 11-11)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه ثلاث مسائل : الأولى ـ : قوله تعالى : { وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ } في الخبر : أن المسلمين قالوا : رضينا بما حكم الله وكتبوا إلى المشركين فامتنعوا فنزلت : { وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى ٱلْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُواْ ٱلَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِّثْلَ مَآ أَنفَقُواْ } . وروى الزهري عن عُروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : حكم الله عز وجل بينكم فقال جلّ ثناؤه : { وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ } فكتب إليهم المسلمون : قد حكم الله عز وجل بيننا بأنه إن جاءتكم امرأة منّا أن توجهّوا إلينا بصداقها ، وإن جاءتنا امرأة منكم وجهنا إليكم بصداقها . فكتبوا إليهم : أما نحن فلا نعلم لكم عندنا شيئاً ، فإن كان لنا عندكم شيء فوجّهوا به فأنزل الله عز وجل : { وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى ٱلْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُواْ ٱلَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِّثْلَ مَآ أَنفَقُواْ } . وقال ابن عباس في قوله تعالى : { ذَلِكُمْ حُكْمُ ٱللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } أي بين المسلمين والكفار من أهل العهد من أهل مكة يردّ بعضهم إلى بعض . قال الزهريّ : ولولا العهد لأمسك النساء ولم يرد إليهم صداقاً . وقال قتادة ومجاهد : إنما أمروا أن يُعطوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا من الْفَيء والغنيمة . وقالا : هي فيمن بيننا وبينه عهد وليس بيننا وبينه عهد . وقالا : ومعنى { فَعَاقَبْتُمْ } فاقتصصتم . { فَآتُواْ ٱلَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِّثْلَ مَآ أَنفَقُواْ } يعني الصدقات . فهي عامة في جميع الكفار . وقال قتادة أيضاً : وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار الذين بينكم وبينهم عهد ، فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا . ثم نسخ هذا في سورة « براءة » . وقال الزهريّ : انقطع هذا عام الفتح . وقال سفيان الثوريّ : لا يعمل به اليوم . وقال قوم : هو ثابت الحكم الآن أيضاً . حكاه القشيريّ . الثانية ـ : قوله تعالى : { فَعَاقَبْتُمْ } قراءة العامة { فَعَاقَبْتُمْ } وقرأ عَلْقمة والنَّخَعِيّ وحُميد الأعرج « فعقّبتم » مشدّدة . وقرأ مجاهد « فأعقبتم » وقال : صنعتم كما صنعوا بكم . وقرأ الزهريّ « فعقِبتم » خفيفة بغير ألف . وقرأ مسروق وشَقيق بن سلمة « فعقبتم » بكسر القاف خفيفة . وقال : غنمتم . وكلها لغات بمعنى واحد . يقال : عاقب وعَقَب وعَقّب وأعقب وتعقّب واعتقب وتعاقب إذا غنم . وقال القُتَبيّ « فعاقبتم » فغزوتم معاقبين غزواً بعد غَزْو . وقال ابن بحر : أي فعاقبتم المرتدة بالقتل فلزوجها مهرها من غنائم المسلمين . الثالثة ـ : قوله تعالى : { فَآتُواْ ٱلَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِّثْلَ مَآ أَنفَقُواْ } قال ابن عباس : يقول إن لحقت امرأة مؤمنة بكفار أهل مكة ، وليس بينكم وبينهم عهد ، ولها زوج مسلم قِبلَكم فغنمتم ، فأعطوا هذا الزوج المسلم مهره من الغنيمة قبل أن تُخَمّس . وقال الزهريّ : يُعْطَى من مال الفيء . وعنه يُعْطى من صداق من لَحِق بنا . وقيل : أي إن امتنعوا من أن يَغْرَمُوا مهر هذه المرأة التي ذهبت إليهم ، فانبذوا العهد إليهم حتى إذا ظفرتم فخذوا ذلك منهم . قال الأعمش : هي منسوخة . وقال عطاء : بل حكمها ثابت . وقد تقدم جميع هذا . القُشيريّ : والآية نزلت في أمّ الحكم بنت أبي سفيان ، ارتدت وتركت زوجها عِيَاض بن غَنْم القرشي ، ولم ترتدّ امرأة من قريش غيرها ، ثم عادت إلى الإسلام . وحكى الثعلبي عن ابن عباس : هن ست نسوة رجعن عن الإسلام ولحِقن بالمشركين من نساء المؤمنين المهاجرين : أمّ الحكم بنت أبي سفيان كانت تحت عياض بن أبي شدّاد الفهري . وفاطمة بنت أبي أمية بن المغيرة أخت أم سلمة ، وكانت تحت عمر ابن الخطاب ، فلما هاجر عمر أبَتْ وارتدت . وبَرْوَع بنت عقبة ، كانت تحت شَمّاس بن عثمان . وعبدة بنت عبد العُزَّى ، كانت تحت هشام بن العاص . و أم كلثوم بنت جَرْوَل تحت عمر بن الخطاب . وشهبة بنت غَيْلان . فأعطاهم النبيّ صلى الله عليه وسلم مهور نسائهم من الغنيمة . { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } احذروا أن تتعدّوا ما أمرتم به .