Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 60, Ayat: 8-8)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لاَّ يَنْهَاكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ } فيه ثلاث مسائل : الأولى ـ : هذه الآية رُخصة من الله تعالى في صِلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم . قال ابن زيد : كان هذا في أوّل الإسلام عند الموادعة وترك الأمر بالقتال ثم نسخ . قال قتادة : نسختها { فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } [ التوبة : 5 ] . وقيل : كان هذا الحكم لعلة وهو الصلح ، فلما زال الصلح بفتح مكة نُسخ الحكم وبقي الرسم يُتْلىَ . وقيل : هي مخصوصة في حلفاء النبيّ صلى الله عليه وسلم ومَنْ بينه وبينه عهد لم ينقضه قاله الحسن . الكلبي : هم خُزَاعة وبنو الحارث بن عبد مناف . وقاله أبو صالح ، وقال : هم خزاعة . وقال مجاهد : هي مخصوصة في الذين آمنوا ولم يهاجروا . وقيل : يعني به النساء والصبيان لأنهم ممن لا يقاتل فأذن الله في بِرّهم . حكاه بعض المفسرين . وقال أكثر أهل التأويل : هي محكمة . واحتجوا : " بأن أسماء بنت أبي بكر سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم : هل تَصلُ أمّها حين قدِمت عليها مشركة ؟ قال : « نعم » " خرّجه البخاري ومسلم . وقيل : إن الآية فيها نزلت . وروى عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه : أن أبا بكر الصديق طلّق أمرأته قُتيلة في الجاهلية ، وهي أم أسماء بنت أبي بكر ، فقدمت عليهم في المدة التي كانت فيها المهادنة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش ، فأهدت إلى أسماء بنت أبي بكر الصديق قرطاً وأشياء فكرهت أن تقبل منها حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، فأنزل الله تعالى : { لاَّ يَنْهَاكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ } . ذكر هذا الخبر الماوردِيّ وغيره ، وخرجه أبو داود الطَّيَالسي في مسنده . الثانية ـ : قوله تعالى : { أَن تَبَرُّوهُمْ } « أن » في موضع خفض على البدل من « الَّذِينَ » أي لا ينهاكم الله عن أن تبروا الذين لم يقاتلوكم . وهم خُزاعة ، صالحوا النبيّ صلى الله عليه وسلم على ألا يقاتلوه ولا يُعينوا عليه أحداً فأمر ببّرهم والوفاء لهم إلى أجلهم حكاه الفرّاء . { وَتُقْسِطُوۤاْ إِلَيْهِمْ } أي تعطوهم قسطاً من أموالكم على وجه الصلة . وليس يريد به من العدل فإن العدل واجب فيمن قاتل وفيمن لم يقاتل قاله ابن العربي . الثالثة ـ : قال القاضي أبو بكر في كتاب الأحكام له : « استدل به بعض مَن تُعقد عليه الخناصر على وجوب نفقة الإبن المسلم على أبيه الكافر . وهذه وهلة عظيمة ، إذ الإذن في الشيء أو ترك النهي عنه لا يدل على وجوبه ، وإنما يعطيك الإباحة خاصّةً . وقد بيّنا أن إسماعيل بن إسحاق القاضي دخل عليه ذِمِّي فأكرمه ، فأخذ عليه الحاضرون في ذلك فتلا هذه الآية عليهم » .