Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 63, Ayat: 10-11)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه أربع مسائل : الأولى ـ : قوله تعالى : { وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ } يدل على وجوب تعجيل أداء الزكاة ، ولا يجوز تأخيرها أصلاً . وكذلك سائر العبادات إذا تعين وقتها . الثانية ـ : قوله تعالى : { فَيَقُولُ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } سأل الرجعة إلى الدنيا ليعمل صالحاً . وروى الترمذي عن الضحاك بن مُزاحم عن ابن عباس قال : من كان له مال يبلِّغه حجّ بيت رَبّه أو تجب عليه فيه زكاة فلم يفعل ، سأل الرجعة عند الموت . فقال رجل : يا بن عباس ، اتق الله ، إنما سأل الرجعةَ الكفارُ . فقال : سأتلو عليك بذلك قرآناً { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ * وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولُ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } . إلى قوله { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } قال : فما يوجب الزكاة ؟ قال : إذا بلغ المال مائتين فصاعداً . قال : فما يوجب الحج ؟ قال : الزاد والراحلة . « قلت » : ذكره الحَلِيمِيّ أبو عبد الله الحسين بن الحسن في كتاب مِنهاج الدِّين مرفوعاً فقال : وقال ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كان عنده مال يبلّغه الحج … " الحديث فذكره . وقد تقدم في « آل عمران » لفظه . الثالثة ـ : قال ابن العربِيّ : « أخذ ابن عباس بعموم الآية في إنفاق الواجب خاصّةً دون النفل فأما تفسيره بالزكاة فصحيح كله عموماً وتقديراً بالمائتين . وأما القول في الحج ففيه إشكال لأنّا إن قلنا : إن الحج على التراخي ففي المعصية في الموت قبل الحج خلاف بين العلماء فلا تُخَرَّج الآية عليه . وإن قلنا : إن الحج على الفور فالآية في العموم صحيح لأن من وجب عليه الحج فلم يؤدّه لقي من الله ما يودّ أنه رجع ليأتي بما ترك من العبادات . وأما تقدير الأمر بالزاد والراحلة ففي ذلك خلاف مشهور بين العلماء . وليس لكلام ابن عباس فيه مدخل لأجل أن الرجعة والوعيد لا يدخل في المسائل المجتهد فيها ولا المختلف عليها ، وإنما يدخل في المتفق عليه . والصحيح تناوله للواجب من الإنفاق كيف تصرف بالإجماع أو بنص القرآن لأجل أن ما عدا ذلك لا يتطرق إليه تحقيق الوعيد . الرابعة ـ : قوله تعالى : { لَوْلاۤ } أي هَلاَّ فيكون استفهاماً . وقيل : « لا » صلة فيكون الكلام بمعنى التمني . { فَأَصَّدَّقَ } نصب على جواب التمني بالفاء . { وَأَكُن } عطف على « فَأَصَّدَّقَ » وهي قراءة أبي عمرو وابن مُحَيْصِن ومجاهد . وقرأ الباقون « وَأَكُنْ » بالجزم عطفاً على موضع الفاء لأن قوله : « فَأَصَّدَّق » لو لم تكن الفاء لكان مجزوماً أي أصدق . ومثله : { مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ } [ الأعراف : 186 ] فيمن جزم . قال ابن عباس : هذه الآية أشدّ على أهل التوحيد لأنه لا يتمنَّى الرجوع في الدنيا أو التأخير فيها أحد له عند الله خير في الآخرة . قلت : إلا الشهيد فإنه يتمنَّى الرجوع حتى يقتل ، لما يرى من الكرامة . { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } من خير وشر . وقراءة العامة بالتاء على الخطاب . وقرأ أبو بكر عن عاصم والسُّلَميّ بالياء على الخبر عمن مات وقال هذه المقالة . تمت السورة بحمد الله وعونه .