Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 63, Ayat: 4-4)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ } أي هيئاتهم ومناظرهم . { وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ } يعني عبد الله بن أُبَيّ . قال ابن عباس : كان عبد الله بن أُبَيّ وسِيماً جسيماً صبيحاً ذَلِق اللسان ، فإذا قال سمع النبيّ صلى الله عليه وسلم مقالته . وصفه الله بتمام الصورة وحسن الإبانة . وقال الكلبي : المراد ابن أُبيّ وَجَدّ بن قيس ومُعَتِّب بن قُشير ، كانت لهم أجسام ومنظر وفصاحة . وفي صحيح مسلم : وقوله { كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ } قال : كانوا رجالاً أجمل شيء كأنهم خشب مسندةٌ ، شبههم بخُشب مسنّدة إلى الحائط لا يسمعون ولا يعقلون ، أشباح بلا أرواح وأجسام بلا أحلام . وقيل : شبههم بالخُشُب التي قد تآكلت فهي مسندة بغيرها لا يعلم ما في بطنها . وقرأ قَنْبُل وأبو عمرو والكسائي « خُشْبٌ » بإسكان الشين . وهي قراءة البَرَاء بن عازب واختيار ابي عبيد ، لأن واحدتها خَشَبة . كما تقول : بَدَنة وبُدْن ، وليس في اللغة فعَلَة يجمع على فُعُل . ويلزم من ثقلها أن تقول : البُدُن ، فتقرأ « والبُدُن » . وذكر اليزيدي أنه جماع الخشباء ، كقوله عز وجل : { وَحَدَائِقَ غُلْباً } [ عبس : 30 ] واحدتها حديقة غلباء . وقرأ الباقون بالتثقيل وهي رواية البَزّي عن ابن كَثِير وعيّاش عن أبي عمرو ، وأكثر الروايات عن عاصم . واختاره أبو حاتم ، كأنه جمع خِشاب وخُشُب ، نحو ثَمرة وثِمار وثُمُر . وإن شئت جمعت خشبة على خشب كما قالوا : بدنة وبدن وبدن . وقد رُوي عن ابن المسيب فتح الخاء والشين في « خُشُب » . قال سِيبويه : خَشَبة وخُشُب ، مثل بَدَنة وبدن . قال : ومثله بغير هاء أسَد وأُسْد ووَثَنَ ووُثْن . وتقرأ خُشُب وهو جمع الجمع ، خشبة وخِشاب وخُشُب ، مثل ثمرة وثمار وثُمُر . والإسناد الإمالة ، تقول : أسندت الشيء أي أملته . و « مُسَنَّدَة » للتكثير أي استندوا إلى الأيمان بحقن دمائهم . قوله تعالى : { يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ ٱلْعَدُوُّ } أي كل أهل صيحة عليهم هم العدّو . فـ « هم العَدُوّ » في موضع المفعول الثاني على أن الكلام لا ضمير فيه . يصفهم بالجُبْن والخَوَر . قال مقاتل والسُّدي : أي إذا نادى منادٍ في العسكر أن انفلتت دابة أو أُنشِدت ضالّة ظنوا أنهم المرادون لما في قلوبهم من الرعب . كما قال الشاعر وهو الأخطل : @ مازلت تحسب كل شيء بعدهم خيلاً تَكُرّ عليهمُ ورجالاَ @@ وقيل : { يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ ٱلْعَدُوُّ } كلام ضميره فيه لا يفتقر إلى ما بعد وتقديره : يحسبون كلّ صيحة عليهم أنهم قد فُطن بهم وعُلم بنفاقهم لأن للرِّيبة خوفاً ثم استأنف الله خطاب نبيّه صلى الله عليه وسلم فقال : { هُمُ ٱلْعَدُوُّ } وهذا معنى قول الضحاك وقيل : يحسبون كل صيحة يسمعونها في المسجد أنها عليهم ، وأن النبيّ صلى الله عليه وسلم قد أمر فيها بقتلهم فهم أبداً وَجِلون من أن يُنزل الله فيهم أمراً يبيح به دماءهم ، ويهتك به أستارهم . وفي هذا المعنى قول الشاعر : @ فلو أنها عَصْفورةٌ لحسبتُها مُسَوّمَةً تَدْعُو عُبيدا وأَزْنَمَا @@ بطن من بني يَرْبُوع . ثم وصفهم الله بقوله : { هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ } حكاه عبد الرحمن بن أبي حاتم . وفي قوله تعالى : { فَٱحْذَرْهُمْ } وجهان : أحدهما فاحذر أن تثق بقولهم أو تميل إلى كلامهم . الثاني فاحذر مُمَايلتهم لأعدائك وتخذيلهم لأصحابك . { قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ } أي لعنهم الله قاله ابن عباس وأبو مالك . وهي كلمة ذمّ وتوبيخ . وقد تقول العرب : قاتله الله ما أشعره ! فيضعونه موضع التعجب . وقيل : معنى { قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ } أي أحلهم محلّ من قاتله عدوٌ قاهر لأن الله تعالى قاهر لكل معاند . حكاه ابن عيسى . { أَنَّى يُؤْفَكُونَ } أي يكذبون قاله ابن عباس . قتادة : معناه يعدلون عن الحق . الحسن : معناه يصرفون عن الرشد . وقيل : معناه كيف تضلّ عقولهم عن هذا مع وضوح الدلائل وهو من الإفك وهو الصرف . و « أَنَّى » بمعنى كيف وقد تقدم .