Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 69, Ayat: 11-12)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ } أي ارتفع وعلاَ . وقال عليّ رضي الله عنه : طغى على خُزّانه من الملائكة غضباً لربّه فلم يقدروا على حبسه . قال قتادة : زاد على كل شيء خمسة عشر ذراعاً . وقال ابن عباس : طغى الماء زمن نوح على خُزّانه فكثر عليهم فلم يَدْرُوا كم خرج . وليس من الماء قطرة تنزل قبله ولا بعده إلا بكيل معلوم غير ذلك اليوم . وقد مضى هذا مرفوعاً أوّل السورة . والمقصود من قصص هذه الأمم وذكر ما حلّ بهم من العذاب : زجر هذه الأمة عن الاقتداء بهم في معصية الرسول . ثم مَنّ عليهم بأن جعلهم ذُرِّية من نجا من الغرق بقوله : { حَمَلْنَاكُمْ } أي حملنا آباءكم وأنتم في أصلابهم . { فِي ٱلْجَارِيَةِ } أي في السفن الجارية . والمحمول في الجارية نوح وأولاده ، وكلّ مَن على وجه الأرض من نسل أولئك . { لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً } يعني سفينة نوح عليه الصلاة والسلام . جعلها الله تذكرة وعِظَة لهذه الأمة حتى أدركها أوائلهم في قول قتادة . قال ابن جريج : كانت ألواحها على الجُودِيّ . والمعنى : أبقيت لكم تلك الخشبات حتى تذكروا ما حلّ بقوم نوح ، وإنجاء الله آباءكم وكم من سفينة هلكت وصارت تراباً ولم يبق منها شيء . وقيل : لنجعل تلك الفعلة من إغراق قوم نوح وإنجاء من آمن معه موعظة لكم ولهذا قال الله تعالى : { وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } أي تحفظها وتسمعها أُذُنٌ حافظة لما جاء من عند الله . والسفينة لا توصف بهذا . قال الزجاج : ويقال وَعَيْتُ كذا أي حفِظته في نفسي ، أَعِيه وَعْياً . ووَعَيْتُ العلم ، ووَعَيْت ما قلت كلُّه بمعنًى . وأوعيت المتاع في الوِعاء . قال الزجاج : يقال لكل ما حَفِظته في غير نفسك : « أوعيته » بالألف ، ولِمَا حفِظته في نفسك « وعيته » بغير ألف . وقرأ طلحة وحُميد والأعرج « وتَعْيها » بإسكان العين تشبيها بقوله : { أَرْنَا } وٱختلف فيها عن عاصم وابن كثِير . الباقون بكسر العين ونظير قوله تعالى : { وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } ، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ } [ ق : 37 ] وقال قتادة : الأذن الواعية أذن عقلت عن الله تعالى ، وانتفعت بما سمعت من كتاب الله عز وجلّ . وروي مكحول : " أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال عند نزول هذه الآية : « سألت رَبِّي أن يجعلها أذُنَ عليٍّ » " قال مكحول : فكان عليّ رضي الله عنه يقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قطّ فنسيته إلا وحفظته . ذكره الماوردِيّ . وعن الحسن نحوه ذكره الثعلبي قال : " لما نزلت { وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : « سألت رَبِّي أن يجعلها أذنَك يا عليّ » قال عليّ : فوالله ما نسيت شيئاً بعدُ ، وما كان لي أن أنسى " وقال أبو بَرْزة الأسْلَمِيّ : قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لعليّ : " يا عليّ إن الله أمرني أن أُذْنيك ولا أقصِيَك وأن أعلمك وأن تَعِي وحقٌّ على الله أن تَعِيَ " .