Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 175-175)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ذكر أهل الكتاب قصة عرفوها في التوراة . وٱختُلف في تعيين الذي أوتي الآيات . فقال ابن مسعود وابن عباس : هو بَلْعَامُ بن باعُوراء ، ويقال ناعم ، من بني إسرائيل في زمن موسىٰ عليه السلام ، وكان بحيث إذا نظر رأىٰ العرش . وهو المعني بقوله : { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِيۤ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا } ولم يقل آية ، وكان في مجلسه اثنتا عشرة ألف مِحْبرة للمتعلمين الذين يكتبون عنه . ثم صار بحيث أنه كان أوّل من صنّف كتاباً في أن « ليس للعالم صانع » . قال مالك بن دينار : بُعث بلعام بن باعوراء إلى مَلِك مَدْين ليدعوه إلى الإيمان فأعطاه وأقطعه فٱتبع دينه وترك دين موسىٰ ففيه نزلت هذه الآيات . روىٰ المُعْتَمِر بنُ سليمان عن أبيه قال : كان بلعام قد أوتي النّبوّة ، وكان مجابَ الدعوة ، فلما أقبل موسىٰ في بني إسرائيل يريد قتال الجبّارين ، سأل الجبارون بلعام بن باعوراء أن يدعُوَ على موسىٰ فقام ليدعُوَ فتحوّل لسانه بالدعاء على أصحابه . فقيل له في ذلك فقال : لا أقدر على أكثر مما تسمعون وٱندلع لسانه على صدره . فقال : قد ذهبت مني الآن الدنيا والآخرة ، فلم يبق إلا المكر والخديعة والحيلة ، وسأمكر لكم ، فإني أرى أن تُخرجوا إليهم فتياتكم فإن الله يبغض الزنىٰ ، فإن وقعوا فيه هلكوا ففعلوا فوقع بنو إسرائيل في الزنىٰ ، فأرسل الله عليهم الطاعون فمات منهم سبعون ألفاً ، وقد ذكر هذا الخبر بكماله الثَّعْلبيّ وغيره . ورُوي أن بلعام بن باعوراء دعا ألا يدخل موسى مدينة الجبارين ، فاستُجيب له وبقي في التِّيه . فقال موسىٰ : يا ربّ بأي ذنب بقينا في التِّيه . فقال : بدعاء بلعام . قال : فكما سمعت دعاءه عليّ فاسمع دعائي عليه . فدعا موسىٰ أن ينزع الله عنه الاسم الأعظم فسلخه الله ما كان عليه ، وقال أبو حامد في آخر كتاب منهاج العارفين له : وسمعت بعض العارفين يقول إن بعض الأنبياء سأل الله تعالىٰ عن أمر بلعام وطرده بعد تلك الآيات والكرامات ، فقال الله تعالىٰ : لم يشكرني يوماً من الأيام على ما أعطيته ، ولو شكرني على ذلك مَرّة لما سلبته . وقال عكرمة : كان بلعام نبياً وأوتي كتاباً . وقال مجاهد : إنه أوتي النبوّة فرشاه قومه على أن يسكت ففعل وتركهم على ما هم عليه . قال الماوردِيّ : وهذا غير صحيح لأن الله تعالىٰ لا يصطفي لنبوّته إلا من علم أنه لا يخرج عن طاعته إلى معصيته . وقال عبد الله بن عمرو بن العاص وزيد بن أسلم : نزلت في أميّة بن أبي الصَّلْت الثَّقفِيّ ، وكان قد قرأ الكتب وعلم أن الله مرسِل رسولاً في ذلك الوقت ، وتمنّىٰ أن يكون هو ذلك الرسول ، فلما أرسل الله محمداً صلى الله عليه وسلم حسده وكفر به . وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " آمن شِعْره وَكَفر قلبه " وقال سعيد بن المُسَيِّب : نزلت في أبي عامر بن صَيْفي ، وكان يلبس المُسُوح في الجاهلية فكفر بالنبيّ صلى الله عليه وسلم . وذلك أنه دخل على النبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة فقال : يا محمد ، ما هذا الذي جئت به ؟ قال : " جئتُ بالحنيفيّة دينِ إبراهيم " قال : فإني عليها . فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " لستَ عليها لأنك أدخلت فيها ما ليس منها " فقال أبو عامر : أمات الله الكاذب منا طريداً وحيداً . فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " نعم أمات الله الكاذب منا كذلك " وإنما قال هذا يُعَرّض برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث خرج من مكة . فخرج أبو عامر إلى الشام ومَرّ إلى قَيْصر وكتب إلى المنافقين : ٱستعدُّوا فإني آتيكم من عند قَيْصر بجند لنُخرج محمداً من المدينة فمات بالشام وحيداً . وفيه نزل : { وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ } [ التوبة : 107 ] وسيأتي في براءة . وقال ابن عباس في رواية : نزلت في رجل كان له ثلاث دعوات يُستجاب له فيها ، وكانت له امرأة يقال لها « البَسُوس » فكان له منها ولد فقالت : ٱجعل لي منها دعوة واحدة . فقال : لك واحدة ، فما تأمرين ؟ قالت : ٱدع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل . فلما علمت أنه ليس فيهم مثلها رغبت عنه فدعا الله عليها أن يجعلها كلبة نباحة . فذهب فيها دعوتان فجاء بنوها وقالوا : لا صبر لنا عن هذا ، وقد صارت أمنا كلبة يعيّرنا الناس بها ، فٱدع الله أن يردها كما كانت فدعا فعادت إلى ما كانت ، وذهبت الدعوات فيها . والقول الأوّل أشهر وعليه الأكثر . قال عبادة ابن الصامت : نزلت في قريش ، آتاهم الله آياته التي أنزلها الله تعالىٰ على محمّد صلى الله عليه وسلم فٱنسلخوا منها ولم يقبلوها . قال ٱبن عباس : كان بلعام من مدينة الجبارين . وقيل : كان من اليمن . { فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا } أي من معرفة الله تعالىٰ ، أي نزع منه العلم الذي كان يعلمه . وفي الحديث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم : " العلم علمان علم في القلب فذلك العلم النافع وعلم على اللسان فذلك حجة الله تعالىٰ على آبن آدم " فهذا مثل علم بَلْعَام وأشباهه ، نعوذ بالله منه ونسأله التوفيق والممات على التحقيق . والانسلاخ : الخروج يقال : ٱنسلخت الحية من جلدها أي خرجت منه . وقيل : هذا من المقلوب ، أي انسلخت الآيات منه . { فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَانُ } أي لحِق به يقال : أتبعت القوم أي لحقتهم . وقيل : نزلت في اليهود والنصارىٰ ، ٱنتظروا خروج محمد صلى الله عليه وسلم فكفروا به .