Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 43-43)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ذكر الله عز وجل فيما ينعم به على أهل الجنة نزع الغِلِّ من صدورهم . والنزع : الاستخراج . والغِل : الحقد الكامن في الصدر . والجمع غِلال . أي أذهبنا في الجنة ما كان في قلوبهم من الغِل في الدنيا . قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " الغل على باب الجنة كمَبَارك الإبل قد نزعه الله من قلوب المؤمنين " وروىٰ عن عليّ رضي الله عنه أنه قال : أرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال الله تعالىٰ فيهم : { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } . وقيل : نزع الغل في الجنة ألا يحسد بعضهم بعضاً في تفاضل منازلهم . وقد قيل أن ذلك يكون عن شراب الجنة ، ولهذا قال : { وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } [ الإنسان : 21 ] أي يطهر الأوضَار من الصدور على ما يأتي بيانه في سورة « الإنْسَانِ » و « الزُّمَر » إن شاء الله تعالىٰ . { وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا } أي لهذا الثواب بأن أرشدنا وخلق لنا الهداية . وهذا ردّ على القدرية . { وَمَا كُنَّا } قراءة ابن عامر بإسقاط الواو . والباقون بإثباتها . { لِنَهْتَدِيَ } لام كي . { لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ } في موضع رفع . { وَنُودُوۤاْ } أصله . نودِيوا { أَن } في موضع نصب مخففة من الثقيلة أي بأنه { تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ } . وقد تكون تفسيراً لما نودوا به لأن النداء قول فلا يكون لها موضع . أي قيل لهم : « تِلْكُمُ الْجَنَّةُ » لأنهم وعدوا بها في الدنيا ، أي قيل لهم : هذه تلكم الجنة التي وعدتم بها ، أو يقال لهم ذلك قبل الدخول حين عاينوها من بعد . وقيل : « تِلْكُمُ » بمعنىٰ هذه . ومعنىٰ { أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أي ورثتم منازلها بعملكم ، ودخولكم إياها برحمة الله وفضله . كما قال { ذٰلِكَ ٱلْفَضْلُ مِنَ ٱللَّهِ } [ النساء : 70 ] وقال : وقال : { فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مَّنْهُ وَفَضْلٍ } [ النساء : 175 ] . وفي صحيح مسلم : " « لن يُدخل أحداً منكم عَمَلُه الجنة » قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : « ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل » " وفي غير الصحيح : ليس من كافر ولا مؤمن إلا وله في الجنة والنار منزل فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهلُ النار النارَ رُفعت الجنة لأهل النار فنظروا إلى منازلهم فيها ، فقيل لهم : هذه منازلكم لو عملتم بطاعة الله . ثم يقال : يا أهل الجنة رِثُوهم بما كنتم تعملون فتقسم بين أهل الجنة منازلهم . قلت : وفي صحيح مسلم : " لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه في النار يهودياً أو نصرانياً " فهذا أيضاً ميراث نعَّم بفضله من شاء وعذب بعدله من شاء . وبالجملة فالجنة ومنازلها لا تُنال إلا برحمته فإذا دخلوها بأعمالهم فقد ورثوها برحمته ، ودخلوها برحمته ، إذ أعمالهم رحمة منه لهم وتفضل عليهم . وقِرىء « أُورِثْتُمُوهَا » من غير إدغام . وقرىء بإدغام التاء في الثاء .