Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 4-5)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا } « كم » للتكثير كما أن « رُبَّ » للتقليل . وهي في موضع رفع بالابتداء ، و « أهلكنا » الخبر . أي وكثير من القرى وهي مواضع اجتماع الناس أهلكناها . ويجوز النصب بإضمار فعل بعدها ، ولا يقدّر قبلها لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله . ويقوّي الأوّل قوله : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ } [ الإسراء : 17 ] . ولولا اشتغال « أَهْلَكْنَا » بالضمير لانتصب به موضع « كم » . ويجوز أن يكون « أَهْلَكْنَا » صفة للقرية ، و « كم » في المعنى هي القرية فإذا وصفت القرية فكأنك قد وصفت كم . يدل على ذلك قوله تعالى : { وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً } [ النجم : 26 ] فعاد الضمير على « كم » على المعنى إذ كانت الملائكة في المعنى . فلا يصح على هذا التقدير أن يكون « كم » في موضع نصب بإضمار فعل بعدها . { فَجَآءَهَا بَأْسُنَا } فيه إشكال للعطف بالفاء . فقال الفرّاء : الفاء بمعنى الواو ، فلا يلزم الترتيب . وقيل : أي وكم من قرية أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا كقوله : { فَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرْآنَ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ } [ النحل : 98 ] . وقيل : إن الهلاك واقع ببعض القوم فيكون التقدير : وكم من قرية أهلكنا بعضها فجاءها بأسنا فأهلكنا الجميع . وقيل : المعنى وكم من قرية أهلكناها في حكمنا فجاءها بأسنا . وقيل : أهلكناها بإرسالنا ملائكة العذاب إليها ، فجاءها بأسنا وهو الاستئصال . والبأس : العذاب الآتي على النفس . وقيل : المعنى أهلكناها فكان إهلاكنا إياهم في وقت كذا فمجيء البأس على هذا هو الإهلاك . وقيل : البأس غير الإهلاك كما ذكرنا . وحكى الفرّاء أيضاً أنه إذا كان معنى الفعلين واحداً أو كالواحد قدّمت أيهما شئت فيكون المعنى وكم من قرية جاءها بأسنا فأهلكناها مثل دَنَا فقَرُب ، وقَرُب فدنا ، وشتمني فأساء ، وأساء فشتمني لأن الإساءة والشتم شيء واحد . وكذلك قوله : { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } [ القمر : 1 ] . المعنى والله أعلم ٱنشق القمر فاقتربت الساعة . والمعنى واحد . { بَيَاتاً } أي ليلاً ومنه البيت ، لأنه يبات فيه . يقال : بات يبِيت بيتاً وبياتاً . { أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ } أي أو وهم قائلون ، فاستثقلوا فحذفوا الواو قاله الفرّاء . وقال الزجاج : هذا خطأ ، إذا عاد الذكرُ ٱستُغْنِي عن الواو ، تقول : جاءني زيد راكباً أو هو ماش ، ولا يحتاج إلى الواو . قال المهدويّ : ولم يقل بياتاً أو وهم قائلون لأن في الجملة ضميراً يرجع إلى الأوّل فٱستغنى عن الواو . وهو معنى قول الزجاج سواء ، وليس أو للشك بل للتفصيل كقولك : لأكرِمنّك منصفاً لي أو ظالماً . وهذه الواو تسمى عند النحويين واو الوقت . و « قَائِلُونَ » من القائلة وهي القيْلُولة وهي نوم نصف النهار . وقيل : الاستراحة نصفَ النهار إذا اشتدّ الحرّ وإن لم يكن معها نوم . والمعنى : جاءهم عذابنا وهم غافلون إمّا ليلاً وإمّا نهاراً . والدعوى الدعاء ومنه قوله : { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ } [ يونس : 10 ] . وحكى النحويون : اللهم أشركنا في صالح دعوى من دعاك . وقد تكون الدّعوى بمعنى الادّعاء . والمعنى : أنهم لم يخلصوا عند الإهلاك إلا على الإقرار بأنهم كانوا ظالمين . و { دَعْوَاهُمْ } في موضع نصب خبر كان ، وٱسمها { إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ } . نظيره { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ } [ العنكبوت : 29 ] ويجوز أن تكون الدعوى رفعاً ، و « أَنْ قَالُوا » نصباً كقوله تعالى : { لَّيْسَ ٱلْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ } [ البقرة : 177 ] برفع « البر » وقوله : { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ ٱلسُّوۤءَىٰ أَن كَذَّبُواْ } [ البقرة : 10 ] برفع « عاقبة » .