Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 77-79)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فَعَقَرُواْ ٱلنَّاقَةَ } العَقْر الجرح . وقيل : قطع عضو يؤثّر في النفس . وعقرت الفرس : إذا ضربت قوائمه بالسيف . وخيل عَقْرَى . وعقرت ظهر الدابة : إذا أدْبَرْته . قال ٱمرؤ القيس : @ تقولُ وقدْ مالَ الغَبِيطُ بنا معاً عَقَرْتَ بعِيري يا ٱمرأ القيس فٱنزِلِ @@ أي جَرَحتَه وأدْبَرتَه . قال القشيريّ : العقر كشف عُرقوب البعير ثم قيل للنحر عَقر لأن العقر سبب النحر في الغالب . وقد ٱختلف في عاقر الناقة على أقوال . أصحّها ما في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن زَمْعَة قال : " خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الناقة وذكر الذي عقرها فقال : « إذ ٱنبعث أشقاها ٱنبعث لها رجل عزيز عَارِم مَنِيع في رَهْطِه مثل أبي زَمْعَة » " وذكر الحديث . وقيل في ٱسمه : قُدار بن سالف . وقيل : إن ملكهم كان إلى ٱمرأة يقال لها ملكى ، فحسدت صالحاً لمّا مال إليه الناس ، وقالت لامرأتين كان لهما خليلان يعشقانِهما : لا تطيعاهما وٱسألاهما عقر الناقة ففعلتا . وخرج الرجلان وألجآ الناقة إلى مَضِيق ورماها أحدهما بسهم وقتلاها . وجاء السَّقْبُ وهو ولدها إلى الصخرة التي خرجت الناقة منها فَرَغَا ثلاثاً وٱنفجرت الصخرة فدخل فيها . ويقال : إنه الدّابة التي تخرج في آخر الزمان على الناس على ما يأتي بيانه في « النمل » . وقال ٱبن إسحاق : أتْبع السّقْبَ أربعةُ نفر ممن كان عقر الناقة ، مِصْدَع وأخوه ذُؤَاب . فرماه مصدع بسهم فٱنتظم قلبه ، ثم جرّه برجله فألحقه بأمّه ، وأكلوه معها . والأوّل أصح فإن صالحاً قال لهم : إنه بَقِي من عمركم ثلاثة أيام ، ولهذا رَغَا ثلاثاً . وقيل : عقرها عاقرها ومعه ثمانية رجال ، وهم الذين قال الله فيهم : { وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ } [ النمل : 48 ] على ما يأتي بيانه في « النمل » . وهو معنى قولِه { فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ } [ القمر : 29 ] . وكانوا يشربون فأعوزهم الماء ليمزجوا شرابهم ، وكان يوم لبن الناقة ، فقام أحدهم وترصد الناس وقال : لأرِيحَنّ الناس منها فعقرها . قوله تعالى : { وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ } أي ٱستكبروا . عَتَا يَعْتُو عُتُوًّا أي ٱستكبر . وتَعَتَّى فلان إذا لم يُطِع . والليل العاتِي : الشديد الظلمة عن الخليل . { وَقَالُواْ يَاصَالِحُ ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ } أي من العذاب . { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ } أي الزلزلة الشديدة . وقيل : كانت صيحة شديدة خَلعت قلوبَهم كما في قصة ثمود في سورة « هود » في قصة ثمود فأخذتهم الصيحة . يقال : رَجَف الشيء يرْجُف رَجْفاً وَرَجَفَاناً . وأرجفت الريحُ الشجرَ حرّكته . وأصله حركة مع صوت ومنه قوله تعالى { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ } [ النازعات : 6 ] قال الشاعر : @ ولما رأيت الحج قد آنَ وَقتُه وظلت مطايا القوم بالقوم تَرْجُفُ @@ { فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ } أي بلدهم . وقيل : وُحِّد على طريق الجنس ، والمعنى : في دورهم . وقال في موضع آخر : { فِي دِيَارِهِمْ } [ هود : 67 و94 ] أي في منازلهم . { جَاثِمِينَ } أي لاصقين بالأرض على رُكَبهم ووجوههم كما يجْثُم الطائر . أي صاروا خامدين من شدّة العذاب . وأصل الجُثُوم للأرنب وشبهها ، والموضع مَجْثَم . قال زهير : @ بها العِينُ والآرَامُ يَمْشِين خِلْفَة وأطلاؤها يَنْهَضْن مِن كل مَجْثِمَ @@ وقيل : احترقوا بالصاعقة فأصبحوا مَيِّتين ، إلا رجلاً واحداً كان في حرم الله فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه . { فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ } أي عند اليأس منهم . { وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ } يحتمل أنه قال ذلك قبل موتهم . ويحتمل أنه قاله بعد موتهم ك " قوله عليه السلام لِقَتْلَى بَدْر : « هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً » فقيل : أتكلم هؤلاء الجِيَف ؟ فقال : « ما أنتم بأسمَع منهم ولكنهم لا يقدرون على الجواب » " والأوّل أظهر . يدل عليه { وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ ٱلنَّاصِحِينَ } أي لم تقبلوا نُصْحِي .