Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 71, Ayat: 10-12)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فيه ثلاث مسائل : الأولى : قوله تعالى : { فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ } أي سلوه المغفرة من ذنوبكم السالفة بإخلاص الإيمان . { إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً } وهذا منه ترغيب في التوبة . وقد روى حُذَيفة بن اليمان : عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الاستغفار ممحاة للذنوب " وقال الفُضيل : يقول العبد أستغفر الله ، وتفسيرها أقِلْنِي . الثانية : قوله تعالى : { يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً } أي يرسل ماء السماء ، ففيه إضمار . وقيل : السماء المطر ، أي يرسل المطر . قال الشاعر : @ إذا سقط السماءُ بأرضِ قوم عيناه وإن كانوا غِضاباً @@ و « مِدْراراً » ذَا غَيْث كثير . وجزم « يُرْسِل » جواباً للأمر . وقال مقاتل : لما كذَّبوا نوحاً زماناً طويلاً حبس الله عنهم المطر ، وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة ، فهلكت مواشيهم وزروعهم ، فصاروا إلى نوح عليه السلام واستغاثوا به . فقال : { ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً } أي لم يزل كذلك لمن أناب إليه . ثم قال ترغيباً في الإيمان : { يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً } . قال قتادة : علم نبيّ الله صلى الله عليه وسلم أنهم أهل حرص على الدنيا فقال : " هَلُمّوا إلى طاعة الله فإن في طاعة الله درك الدنيا والآخرة " . الثالثة : في هذه الآية والتي في « هود » دليل على أن الاستغفار يستنزل به الرزق والأمطار . قال الشعبيّ : خرج عمر يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى رجع ، فأمطروا فقالوا : ما رأيناك استسقيتَ ؟ فقال : لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر ، ثم قرأ : « اسْتَغْفِرُوا ربَّكُمْ إنه كَانَ غَفَّاراً . يُرْسِل السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً » . وقال الأوزاعيّ : خرج الناس يستسقون ، فقام فيهم بلال بن سعد فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : اللهم إنا سمعناك تقول : { مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ } [ التوبة : 91 ] وقد أقررنا بالإساءة ، فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا ؟ ! اللهم اغفر لنا وٱرحمنا واسقنا ! فرفع يديه ورفعوا أيديهم فسُقُوا . وقال ابن صبيح : شكا رجل إلى الحسن الجدوبة فقال له : استغفر الله . وشكا آخر إليه الفقر فقال له : استغفر الله . وقال له آخر : ادع الله أن يرزقني ولداً ، فقال له : استغفر الله . وشكا إليه آخر جفاف بستانه ، فقال له : استغفر الله . فقلنا له في ذلك ؟ فقال : ما قلت من عندي شيئاً ، إن الله تعالى يقول في سورة « نوح » : { ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً } . وقد مضى في سورة « آل عمران » كيفية الاستغفار ، وأن ذلك يكون عن إخلاص وإقلاع من الذنوب . وهو الأصل في الإجابة .