Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 76, Ayat: 29-31)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّ هَـٰذِهِ } أي السورة { تَذْكِرَةٌ } أي موعظة { فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } أي طَريقاً موصلاً إلى طاعته وطلب مرضاته . وقيل : « سَبِيلاً » أي وسيلة . وقيل وجهة وطريقاً إلى الجنة . والمعنى واحد . { وَمَا تَشَآءُونَ } أي الطاعة والاستقامة وٱتخاذ السبيل إلى الله { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } فأخبر أن الأمر إليه سبحانه ليس إليهم ، وأنه لا تنفذ مشيئة أحدٍ ولا تتقدّم ، إلا أن تتقدّم مشيئته . وقرأ ٱبن كثير وأبو عمرو « وَمَا يَشَاءُونَ » بالياء على معنى الخبر عنهم . والباقون بالتاء على معنى المخاطبة لله سبحانه . وقيل : إن الآية الأولى منسوخة بالثانية . والأشبه أنه ليس بنسخ ، بل هو تبيين أن ذلك لا يكون إلا بمشيئته . قال الفرّاء : { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } جواب لقوله : { فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } ثم أخبرهم أن الأمر ليس إليهم فقال : « وَمَا تَشَاءُونَ » ذلك السبيلَ « إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ » لكم . { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً } بأعمالكم { حَكِيماً } في أمره ونهيه لكم . وقد مضى في غير موضع . { يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ } أي يدخله الجنة راحماً له { وَٱلظَّالِمِينَ } أي ويعذّب الظالمين فنصبه بإضمار يعذّب . قال الزجاج : نصب الظالمين لأن قبله منصوب أي يدخل من يشاء في رحمته ويعذّب الظالمين أي المشركين ويكون { أَعَدَّ لَهُمْ } تفسيراً لهذا المضمر كما قال الشاعر : @ أَصْبَحْتُ لاَ أَحْمِلُ السِّلاَحَ وَلاَ أَمْلِكُ رَأْسَ الْبَعِيرِ إنْ نَفَرَا وَالذِّئْبَ أَخْشَاهُ إنْ مَرَرْتُ بِهِ وَحْدِي وَأَخْشَى الرِّيَاحَ وَالْمَطَرَا @@ أي أخشى الذئب أخشاه . قال الزجاج : والاختيار النصب وإن جاز الرفع تقول : أعطيت زيداً وعمراً أعددت له بِراً ، فيختار النصب أي وبَرَرْت عمراً أو أبرّ عمراً . وقوله في { حـمۤ * عۤسۤقۤ } : { يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَٱلظَّالِمُونَ } [ الشورى : 8 ] ٱرتفع لأنه لم يذكر بعده فعل يقع عليه فينصب في المعنى فلم يجز العطف على المنصوب قبله فٱرتفع بالابتداء . وها هنا قوله : { أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً } يدل على ويعذّب ، فجاز النصب . وقرأ أبان بن عثمان « وَالظَّالِمُونَ » رفعاً بالابتداء والخبر { أَعَدَّ لَهُمْ } . { عَذَاباً أَلِيماً } أي مؤلماً موجِعاً . وقد تقدم هذا في سورة « البقرة » وغيرها والحمد لله . ختمت السورة .