Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 59-59)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوۤاْ } أي من أفلت من وقعة بدر سبق إلى الحياة . ثم استأنف فقال : { إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ } أي في الدنيا حتى يظفرك الله بهم . وقيل : يعني في الآخرة . وهو قول الحسن . وقرأ ابن عامر وحفص وحمزة « يحسبن » بالياء والباقون بالتاء ، على أن يكون في الفعل ضمير الفاعل . و « الَّذِينَ كَفَرُوا » مفعول أوّل . و « سَبَقُوا » مفعول ثان . وأما قراءة الياء فزعم جماعة من النحويين منهم أبو حاتم أن هذا لحن لا تحل القراءة به ، ولاتسع لمن عَرَف الإعراب أو عُرِّفه . قال أبو حاتم : لأنه لم يأت لـ « يحسبن » بمفعول وهو يحتاج إلى مفعولين . قال النحاس : وهذا تحامل شديد ، والقراءة تجوز ويكون المعنى : ولا يحسبن مَن خلفهم الذين كفروا سبقوا فيكون الضمير يعود على ما تقدّم ، إلا أن القراءة بالتاء أبين . الْمَهْدوِيّ : ومن قرأ بالياء احتمل أن يكون في الفعل ضمير النبيّ صلى الله عليه وسلم ، ويكون « الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا » المفعولين . ويجوز أن يكون « الَّذِينَ كَفَرُوا » فاعلاً ، والمفعول الأوّل محذوف المعنى : ولا يحسبن الذين كفروا أنفسهم سبقوا . مَكِّيّ : ويجوز أن يضمر مع سبقوا أنْ ، فيسدّ مسدّ المفعولين والتقدير : ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا فهو مثل { أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوۤاْ } [ العنكبوت : 2 ] في سد أنْ مسدّ المفعولين . وقرأ ابن عامر « أَنَّهم لا يُعجزون » بفتح الهمزة . واستبعد هذه القراءةَ أبو حاتم وأبو عُبيد . قال أبو عبيد : وإنما يجوز على أن يكون المعنى : ولا تحسبن الذين كفروا أنهم لا يعجزون . قال النحاس : الذي ذكره أبو عبيد لا يجوز عند النحويين البصريين ، لا يجوز حسبت زيداً أنه خارج ، إلا بكسر الألف ، وإنما لم يجز لأنه في موضع المبتدأ كما تقول : حسبت زيداً أبوه خارج ، ولو فتحت لصار المعنى حسبت زيداً خروجَه . وهذا محال ، وفيه أيضاً من البعد أنه لا وجه لما قاله يصحّ به معنًى إلا أن يجعل « لا » زائدة ، ولا وجه لتوجيه حرف في كتاب الله عز وجل إلى التطوّل بغير حجة يجب التسليم لها . والقراءة جيدة على أن يكون المعنى : لأنهم لا يعجزون . مَكِّيٌّ : فالمعنى لا يحسبن الكفار أنفسهم فاتوا لأنهم لا يعجزون ، أي لا يفوتون . فـ « أنّ » في موضع نصب بحذف اللام ، أو في موضع خفض على إعمال اللام لكثرة حذفها مع « أنّ » ، وهو يُروَى عن الخليل والكسائِيّ . وقرأ الباقون بكسر « إن » على الاستئناف والقطع مما قبله ، وهو الاختيار لما فيه من معنى التأكيد ، ولأن الجماعة عليه . ورُوي عن ابن مُحيْصِن أنه قرأ « لا يعجّزونِ » بالتشديد وكسر النون . النحاس : وهذا خطأ من وجهين : أحدهما أن معنى عجّزه ضعَّفه وضعَّف أمره . والآخر أنه كان يجب أن يكون بنونين . ومعنى أعجزه سبقه وفاته حتى لم يقدر عليه .