Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 65-66)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالىٰ : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ } أي حُثّهم وحُضّهم . يقال : حارض على الأمر وواظب وواصب وأكبّ بمعنى واحد . والحارض : الذي قد قارب الهلاك ومنه قوله عزّ وجلّ : { حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضاً } [ يوسف : 85 ] أي تذوب غمّاً ، فتقارب الهلاك فتكون من الهالكين { إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ } لفظُ خبر ، ضِمْنُه وعْدٌ بشرط لأن معناه إن يصبر منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين . وعشرون وثلاثون وأربعون كل واحد منها ٱسم موضوع على صورة الجمع لهذا العدد . ويجري هذا الاسم مجرى فِلسطين . فإن قال قائل : لم كُسر أوّل عشرين وفُتح أوّل ثلاثين وما بعده إلى الثمانين إلاَّ سِتّين ؟ فالجواب عند سيبويه أن عشرين من عشرة بمنزلة اثنين من واحد فكسِر أوّل عشرين كما كسر اثنان . والدليل على هذا قولهم : ستون وتسعون كما قيل : ستة وتسعة . وروى أبو داود عن ٱبن عباس قال : نزلت { إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ } فشقّ ذلك على المسلمين ، حين فرض الله عليهم ألا يفِرّ واحد من عشرة ، ثم إنه جاء التخفيف فقال : { ٱلآنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ } قرأ أبو تَوبة إلى قوله : { مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ } . قال : فلما خفف الله تعالىٰ عنهم من العدد نقص من الصبر بقدر ما خفّف عنهم . وقال ابن العربيّ : قال قوم إن هذا كان يوم بدر ونُسخ . وهذا خطأ من قائله . ولم يُنقل قطُّ أن المشركين صافوا المسلمين عليها ، ولكن الباري جلّ وعزّ فرض ذلك عليهم أوّلاً ، وعلق ذلك بأنكم تفقهون ما تقاتلون عليه ، وهو الثواب . وهم لا يعلمون ما يقاتلون عليه . قلت : وحديث ابن عباس يدلّ على أن ذلك فرض . ثم لما شقّ ذلك عليهم حطّ الفرض إلى ثبوت الواحد للاثنين فخفّف عنهم وكتب عليهم ألاّ يفرّ مائة من مائتين فهو على هذا القول تخفيف لا نسخ . وهذا حسن . وقد ذكر القاضي ابن الطيّب أن الحكم إذا نُسخ بعضُه أو بعضُ أوصافه ، أو غُيّر عدده فجائز أن يُقال إنه نسخ لأنه حينئذ ليس بالأول ، بل هو غيره . وذكر في ذلك خلافاً .