Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 85, Ayat: 12-16)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ } أي أخذه الجبابرة والظلمة ، كقوله جلّ ثناؤه : { وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } [ هود : 102 ] وقد تقدم . قال المبرد « إن بطش ربك » جواب القسم . المعنى : والسماء ذات البروج إن بطش ربك ، وما بينهما معتَرِض مؤكِّد للقسم . وكذلك قال التِّرمذي الحكيم في نوادر الأصول : إن القسم واقع عما ذكر صفته بالشدة : { إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ } يعني الخَلْق عن أكثر العلماء يخلُقهم ابتداء ، ثم يعيدهم عند البعث . وروى عكرمة قال : عَجِب الكفار من إحياء الله جلّ ثناؤه الأموات ، وقال ابن عباس : يبدىء لهم عذاب الحريق في الدنيا ، ثم يعيده عليهم في الآخرة . وهذا اختيار الطبريّ : { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ } أي الستُور لذنوب عباده المؤمنين لا يفضحهم بها { ٱلْوَدُودُ } أي المحب لأوليائه . ورَوَى الضحاك عن ابن عباس قال : كما يودّ أحدكم أخاه بالبشرى والمحبة . وعنه أيضاً « الودود » أي المتودد إلى أوليائه بالمغفرة ، وقال مجاهد الوادّ لأوليائه ، فعول بمعنى فاعل . وقال ابن زيد : الرحيم ، وحكى المبرد عن إسماعيل بن إسحاق القاضي أن الودود هو الذي لا ولد له ، وأنشد قول الشاعر : @ وأركبُ في الروع عُرْيانةً ذلولَ الجَناح لقاحاً ودُوداً @@ أي لا ولد لها تحِن إليه ، ويكون معنى الآية : إنه يغفر لعباده وليس له ولد يغفر لهم من أجله ، ليكون بالمغفرة متفضلاً من غير جزاء . وقيل : الودود بمعنى المودود ، كركوب وحلُوب ، أي يوده عباده الصالحون ويحبونه { ذُو ٱلْعَرْشِ ٱلْمَجِيدُ } قرأ الكوفيون إلا عاصما « المجيد » بالخفض ، نعتاً للعرش . وقيل : لـ « ـربك » أي إن بطش ربك المجيد لشديد ، ولم يمتنع الفصل ، لأنه جارٍ مجرى الصفة في التشديد . الباقون بالرفع نعتا لـ « ـذو » وهو الله تعالى . واختاره أبو عبيد وأبو حاتم لأن المجد هو النهاية في الكرم والفضل ، والله سبحانه المنعوت بذلك ، وإن كان قد وُصف عرشه بالكريم في آخر « المؤمنون . تقول العرب : في كل شجر نار ، واستمجد المرخُ والعَفَار أي تناهيا فيه ، حتى يُقْتَبَس منهما . ومعنى ذو العرش : أي ذو المُلك والسلطان كما يقال : فلان على سرير ملكه وإن لم يكن على سرير . ويقال : ثُل عرشه : أي ذهب سلطانه . وقد مضى بيان هذا في « الأعراف » وخاصة في « كتاب الأسنى ، في شرح أسماء الله الحسنى » . { فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } أي لا يمتنع عليه شيء يريده . الزمخشريّ : « فَعَّال » خبر ابتداء محذوف . وإنما قيل : « فَعَّال » لأن ما يريد ويفعل في غاية الكثرة . وقال الفراء : هو رفع على التكرير والاستئناف لأنه نكرة محضة . وقال الطبريّ : رفع « فعال » وهي نكرة محضة على وجه الإتباع لإعراب « الغفور الودود » . وعن أبي السّفر قال : دخل ناس من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم على أبي بكر رضي الله عنه يعودونه فقالوا : ألا نأتيك بطبيب ؟ قال : قد رآني ! قالوا : فما قال لك ؟ قال : قال : إني فعال لما أريد .