Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 86, Ayat: 1-3)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ } قَسَمان : « السماء » قَسَم ، و « الطارق » قَسَم . والطارق : النجم . وقد بينه الله تعالى بقوله : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ * ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ } . واختلف فيه فقيل : هو زُحَل : الكوكب الذي في السماء السابعة ذكره محمد بن الحسن في تفسيره ، وذكر له أخباراً ، الله أعلم بصحتها . وقال ابن زيد : إنه الثُّريا . وعنه أيضاً أنه زُحَل وقاله الفراء . ابن عباس : هو الجَدْي . وعنه أيضاً وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما والفراء : « النجم الثاقِب » : نجم في السماء السابعة ، لا يسكنها غيره من النجوم فإذا أخَذَت النجوم أمكنتها من السماء ، هبط فكان معها ، ثم يرجع إلى مكانه من السماء السابعة ، وهو زُحَل فهو طارق حين ينزل ، وطارق حين يصعد . وحكى الفراء : ثَقُبَ الطائر : إذا ارتفع وعلا . وروى أبو صالح عن ابن عباس قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً مع أبي طالب ، فانحط نجم ، فامتلأت الأرض نوراً ، ففزِع أبو طالب ، وقال : أي شيء هذا ؟ فقال : « هذا نجم رُميَ به ، وهو آية من آيات الله » فعجِب أبو طالب ، ونزل : { وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ } " وروي عن ابن عباس أيضاً « والسماءِ والطارِقِ » قال : السماء وما يطْرُق فيها . وعن ابن عباس وعطاء : « الثاقب » : الذي تُرْمَى به الشياطين . قتادة : هو عام في سائر النجوم لأن طلوعها بليلٍ ، وكل من أتاك ليلاً فهو طارق . قال : @ ومِثلك حبلى قد طرقت ومرضِعاً فألهيتها عن ذِي تمائم مُغْيِل @@ وقال : @ ألم ترياني كلما جئت طارقاً وجدت بها طيباً وإن لم تَطَيَّبِ @@ فالطارق : النجم ، اسم جنس ، سمي بذلك لأنه يطرق ليلاً ، ومنه الحديث : " نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يطرُق المسافر أهلَه ليلاً ، كي تستحِدّ المُغِيبة ، وتمتشط الشعِثة " والعرب تسمي كل قاصدٍ في الليل طارقاً . يقال : طرق فلان إذا جاء بليل . وقد طرُق يطرق طروقاً ، فهو طارق . ولابن الرومِي : @ يا راقدَ الليل مسروراً بأوّلهِ إن الحوادث قد يطرُقن أسحارا لاتفرحَنَّ بليل طاب أوّله فرب آخرِ ليلٍ أجج النارا @@ وفي الصحاح : والطارق : النجم الذي يقال له كوكب الصبح . ومنه قول هند : @ نحنُ بناتِ طارِقٍ نمشي على النمارقِ @@ أي إن أبانا في الشرف كالنجم المضيء . الماورديّ : وأصل الطَّرْق : الدّق ، ومنه سميت المِطرقة ، فسمي قاصدُ الليلِ طارقاً ، لاحتياجه في الوصول إلى الدق . وقال قوم : إنه قد يكون نهاراً . والعرب تقول أتيتك اليوم طَرْقَتين : أي مرتين . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : " أعوذ بك من شر طوارِقِ الليل والنهار ، إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن " وقال جرير في الطروق : @ طَرَقَتْكَ صائدةُ القلوب وليس ذا حينَ الزيارة فارجِعِي بسلامِ @@ ثم بين فقال : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ * ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ } والثاقب : المضيء . ومنه { شِهَابٌ ثَاقِبٌ } [ الصافات : 10 ] . يقال : ثقُب يثْقُب ثُقُوباً وثقابة : إذا أضاء . وثُقوبُه : ضوءه . والعرب تقول : أثقِب نارك أي أضئها . قال : @ أذاعَ به في الناسِ حتّى كأَنه بعلياءَ نارٌ أوقدتْ بثَقُوبِ @@ الثَّقوب : ما تشعل به النار من دُقاق العِيدان . وقال مجاهد : الثاقب : المتوهِّج . القشيري : والمعظَم على أن الطارق والثاقب اسم جنس أريد به العُموم ، كما ذكرنا عن مجاهد . { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ } تفخيماً لشأن هذا المقسَمِ به . وقال سفيان : كل ما في القرآن « وما أدراك ؟ » فقد أخبره به . وكل شيء قال فيه « وما يدريك » : لم يخبره به .