Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 90, Ayat: 5-9)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ } أي أيظنّ ابن آدم أن لن يعاقبه الله عز وجل . { يَقُولُ أَهْلَكْتُ } أي أنفقت . { مَالاً لُّبَداً } أي كثيراً مجتمعاً . { أَيَحْسَبُ } أي أيظنّ . { أَن لَّمْ يَرَهُ } أي أن لم يعاينه { أَحَدٌ } بل علم الله عز وجل ذلك منه ، فكان كاذباً في قوله : أهلكت ولم يكن أنفقه . وروى أبو هريرة قال : يوقف العبد ، فيقال ماذا عملت في المال الذي رزقتك ؟ فيقول : أنفقته وزَكَّيته . فيقال : كأنك إنما فعلت ذلك ليقال سَخِيّ ، فقد قيل ذلك . ثم يؤمر به إلى النار . وعن سعيد عن قتادة : إنك مسؤول عن مالِكَ من أينَ جمعت ؟ وكيف أنفقت ؟ وعن ابن عباس قال : كان أبو الأَشدَّين يقول : أنفقت في عداوة محمد مالاً كثيراً وهو في ذلك كاذب . وقال مقاتل : نزلت في الحارث بن عامر بن نوفل ، أذنب فاستفتى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فأمره أن يُكَفِّر . فقال : لقد ذهب مالي في الكفّارات والنفقات ، منذ دخلت في دين محمد . وهذا القول منه يحتمل أن يكون استطالة بما أنفق ، فيكون طغياناً منه ، أو أسفاً عليه ، فيكون ندماً منه . وقرأ أبو جعفر « مالاً لُبَّداً » بتشديد الباء مفتوحة ، على جمع لابد مثل راكع وركَّع ، وساجد وسُجّد ، وشاهد وشُهَّد ، ونحوه . وقرأ مجاهد وحُمَيد بضمّ الباء واللام مخففاً ، جمع لُبود . الباقون بضمّ اللام وكسرها وفتح الباء مخففاً ، جمع لَبْدَة ولبدة ، وهو ما تلبد يريد الكثرة . وقد مضى في سورة « الجن » القول فيه . وروي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ « أَيَحْسُب » بضم السين في الموضعين . وقال الحسن : يقول أتلفت مالاً كثيراً ، فمن يحاسبني به دعني أَحْسُبه . ألم يعلم أن الله قادر على مُحاسبته ، وأن الله عز وجل يرى صنيعه ، ثم عَدّد عليه نعمه فقال : { أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ } يبصر بهما { وَلِسَاناً } ينطق به . { وَشَفَتَيْنِ } يستُر بهما ثغره . والمعنى : نحن فعلنا ذلك ، ونحن نقدر على أن نبعثه ونُحصِيَ عليه ما عمله . وقال أبو حازم : قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى قال : يا ابن آدم ، إن نازعك لسانك فيما حرّمتُ عليك ، فقد أَعنْتُكَ عليه بطبقين ، فأطبِق وإن نازعك بصرك فيما حرّمت عليك ، فقد أعنتك عليه بطبقين ، فأطْبِق وإن نازعك فرجك إلى ما حرّمتُ عليك ، فقد أعنتك عليه بطبقَين ، فأطبق " والشَّفَة : أصلها شَفْهة ، حذفت منها الهاء ، وتصغيرها : شُفيهة ، والجمع : شِفاهٌ . ويقال : شَفَهات وشَفَوات والهاء أقيس ، والواو أعمّ ، تشبيهاً بالسنوات . وقال الأزهريّ : يقال هذه شَفَة في الوصل وشَفَةٌ ، بالتاء والهاء . وقال قتادة : نِعَم الله ظاهرة ، يقرّرك بها حتى تشكر .