Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 92, Ayat: 14-16)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فَأَنذَرْتُكُمْ } أي حذرتكم وخوّفتكم . { نَاراً تَلَظَّىٰ } أي تَلَهَّب وتتوقد . وأصله تتلظى . وهي قراءة عُبيد بن عُمير ، ويحيـى بن يعمر ، وطلحة بن مصرف . { لاَ يَصْلاَهَآ } أي لا يجد صَلاَها وهو حرها . { إِلاَّ ٱلأَشْقَى } أي الشقي . { ٱلَّذِي كَذَّبَ } نبي الله محمداً صلى الله عليه وسلم . { وَتَوَلَّىٰ } أي أعرض عن الإيمان . وروى مكحول عن أبي هريرة قال : كل يدخل الجنة إلا من أباها . قال : يا أبا هريرة ، ومن يأبى أن يدخل الجنة ؟ قال : الذي كَذَّب وتَوَلَّى . وقال مالك : صلَّى بنا عمر بن عبد العزيز المغرب ، فقرأ { وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ } فلما بلغ { فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ } وقع عليه البكاء ، فلم يقدر يتعدّاها من البكاء ، فتركها وقرأ سورة أخرى . وقال الفرّاء : « إلا الأشقى » إلا من كان شقِياً في علم الله جل ثناؤه . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : « لا يصلاها إلا الأَشقَى » أمية بن خلف ونظراؤه الذين كذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم . وقال قتادة : كذب بكتاب الله ، وتولى عن طاعة الله . وقال الفرّاء : لم يكن كذب بردّ ظاهر ، ولكنه قصَّر عما أُمِر به من الطاعة فجُعِل تكذيباً كما تقول : لقِي فلان العدوّ فكذب : إذا نكل ورجع عن اتباعه . قال : وسمعت أبا ثروان يقول : إن بني نُمَيْر ليس لجِدّهم مكذوبة . يقول : إذا لَقُوا صدقوا القتال ، ولم يرجعوا . وكذلك قوله جل ثناؤه : { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } [ الواقعة : 2 ] يقول هي حق . وسمعت سلم بن الحسن يقول : سمعت أبا إسحاق الزجاج يقول : هذه الآية التي من أجلها قال أهل الإرجاء بالإرجاء ، فزعموا أنه لا يدخل النار إلا كافر لقوله جل ثناؤه : { لاَ يَصْلاَهَآ إِلاَّ ٱلأَشْقَى * ٱلَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } وليس الأمر كما ظنوا . هذه نار موصوفة بعينها ، لا يصلى هذه النار إلا الذي كذب وتولّى . ولأهل النار منازل فمنها أن المنافقين في الدِّرْك الأسفل من النار والله سبحانه كل ما وعد عليه بجنس من العذاب فجائز أن يعذب به . وقال جل ثناؤه : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفْتَرَىٰ إِثْماً عَظِيماً } [ النساء : 48 ] ، فلو كان كل من لم يشرك لم يعذَّب ، لم يكن في قوله : { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ } فائدة ، وكان { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ } كلاماً لا معنى له . الزمخشريّ : الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين ، فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين ، فقيل : الأشقى ، وجعل مختصاً بالصَّلى ، كأن النار لم تخلق إلا له . وقيل : الأتقى ، وجعل مختصاً بالجنة ، كأن الجنة لم تخلق إلا له . وقيل : هما أبو جهل أو أمية بن خلف . وأبو بكر رضي الله عنه .