Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 18-18)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ } كما يعبدون الله فى زعمهم { مَا لاَ يَضُرُّهُمْ } إِن لم يعبدوه { وَلاَ يَنْفَعُهُمْ } إِن عبدوه أَو لم يعبدوه ، وكان أَهل الطائف يعبدون اللات وأَهل مكة العزى ومناة وأَسافا ونائِلة وهبلا ، والجملتان تعليل لمن أَظلم ، أَى لا أَظلم ممن ذكر لأَنه لا يفلح المجرمون ، ولأَنهم يعبدون من لا يخلق ولا يرزق ولا يجلب ولا يدفع ، وقدم نفى الضر لأَن التخلى قبل التحلى ، ونفى الضر أَهم ، والمعبود مثيب ومعاقب وليست الأَصنام تعاقب أَو تثيب ، وليست بآلهة ، وكذا الملائِكة وكل معبود غير الله لا قدرة له ولو كان حيواناً إِلا ما أَقدره الله ، وقد قيل الآية شاملة للملائكة وعيسى ، والظاهر أَن المراد الأَصنام { وَيَقُولُونَ هَؤُلاَءِ } الأَصنام التى نعبدها { شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ } فيما يهمنا من جدب ومرض وسائِر المضار ، وفى إِحضار ما نطلبه ، وفى الآخرة إِن كان ما يقول محمد من البعث حقاً تقربنا إِلى الله زلفى ، ولئِن رجعت إِلى ربى إِن لى عنده للحسنى ، ولسنا أَهلا لخدمة الله بالعبادة ، فإِنه أَعظم شأْنا أَن نكون له خدماً ، بل نتوسل إِليه بعبادة الأَصنام ، وهذا سفه ظاهر فإِن العاقل أَحق بأَن يكون خادماً من الجماد ، وأَيضاً الأَصنام تحتاج فى شفاعتها لهم يوم القيامة على فرض ثبوتها إِلى أَن يخلق الله لساناً تشفع به ، وإِنما الحق عبادة من يحتاج إِليه لا من يحتاج ، ومن تيقن نفعه وضره كما أَقروا به لا الجماد المحتاج المتيقن عدم نفعه فى الدنيا ، وأَولى أَن ينفع فى الآخرة ، والذى يتيقن أَنه النافع الضار المثيب المعاقب لا الجماد الذى ليسوا على يقين من نفعه فى الآخرة لشكهم فيه . وقوله عند الله يشمل الدنيا ويشمل الآخرة على فرض ثبوتها ، وكان النضريقول : إِذا كان يوم القيامة شفعت لى العزى واللات ، ويروى أَن الآية نزلت فيه يعنى إِن صح البعث ، وذلك لا يقولون به . { وأَقسموا بالله جهد أَيمانهم لا يبعث الله من يموت } [ النحل : 38 ] ، وبعضهم يقول : تشفع الأَصنام فى الدنيا بمنافع ودفع مضار ، وبعض يقولك يشفع لنا ما هى على صورته من الصالحين يعبدونها ليشفع لهم هؤُلاءِ الصالحون { قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِى السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِى الأَرْضِ } ما اسم موصول للجنس عامة لكل شىءٍ يتوهمون أَنه لا يعلمه ، حاشاه أَو واقعة على الآلهة أَو على شفاعتها أَو نكرة موصوفة واقعة على آلهة أَو شفاعة ، والمعنى كل شىءٍ معلوم لله فلا يتصور إِخباركم له بالآلهة والشفاعة لأَنها لا تثبت عنده ، وما لا يثبت لا يقال علمه الله ثابتاً ، أَو لا يعلم بمعنى لا يثبت فلزم من انتفاءِ علمه أَنه غير موجود ، إِذ لو وجد لكان عنده معلوماً لا يخفى عنه شىءٌ ، وما فى السماوات حال من الضمير العائِد المحذوف ، أى لا يعلمه كذا . قالوا : ويعطله قوله فى الأَرض إِلا بتقدير وما لا يعلمه فى الأَرض ، وإِما على جعله حالا من مافلا حاجة إِلى تقدير ، ولا يتعلق بيعلم لأَن علمه تعالى لا يقع فى موضع لأَنه لا يحل فى موضع ، ولك جعله مفعولا ثانياً أَى لا يعلمه ثابتاً فى السماوات ولا فى الأَرض وما فى الهواءِ فوق السماءِ هو من السماءِ وما فى الهواءِ فى جوف الأَرض من الأَرض . بل السماوات والأَرض تمثيل لأَنه قد وجد غيرهما كالعرش والكرسى ، وما تحت الأَرض من الأَرضين وما تحتهن ، ويجوز أَن يكون الأَرض جنس لهن كلهن ، وكل ما فى السماوات والأَرض وغيرهن مملوك لله عاجز أَلا يكون إِلهاً { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } به ، وما مصدرية أَى عن إِشراكهم ، أَو اسم موصول أَى عن الشركاء التى يشركونها أَو نكرة للتحقير موصوفة أَى عن أَشياءَ يشركونها ، والأَول أَولى لأَن التنزيه عن الفعل أَولى من التزيه عن نفس ما يشرك ، مع أَن التنزيه عن نفس ذلك راجع إِلى التنزيه عن الفعل ، تنازع سبحانه وتعالى فى قوله عما يشركون فأَعمل الثانى وأَضمر للأَول ، أَى سبحانه عنه أَى سبحانه عما يشركون ، ومعنى سبحانه تنزيهه عما يشركون ، أَى نزهوه يا معشر الناس أَو المكلفين أَو الخلق ، أَو أُنزه نفسى أَو نزهت نفسى عما يشركون ، وهكذا فى سائِر القرآن ، ومعنى تعالى تعاظم وبعد عما يشركون ، وأَصل علاج العلو من سفل حاشاه .