Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 31-31)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ } أَىْ يجمع لكم الرزق ، منهما يحصله منهما معاً لا من واحد فقط فإِن الطعام بالماءِ وبالأَرض ، فالإِنسان يشرب الماءَ ويعمل الطعام به ، والطعام بالنبات بالماءِ والحيوان بالنبات والماءِ ، وأَيضاً النبات باختلاف الفصول حرارة وبرداً وتوسطاً وحرارة الشمس والقمر والأَرض بحرارتها شتاءً وبردها صيفاً ، ويجوز أَن يكون أَن لكم رزقاً من السماءِ وهو الماءُ ورزقاً من الأَرض ، ومن للابتداءِ ، ويجوز أَن يكون المعنى من يرزقكم من أَهل السماءِ أَو من أَهل الأَرض فمن للبيان والمراد بأَهل السماءِ والأَرض غير الله ، فإِنه لا يجوز أَن يكون فيهما بل فى كل موضع بعلمه وقدرته وتصرفه والاستفهام للتقرير ويصح للإِنكار ، أَى لا رازق لكم من أَهلهما ، وعلى فرض وصف أَنه من أَهلهما باعتبار ملكه إِياهما فكأَنهم قالوا يرزقنا الله لا غيره منهما ، والآية رد على القدرية أَن الحلال رزق من الله تعالى والحرام يرزقه الإِنسان نفسه ، فإِن الحرام أَيضاً رزق من الله تعالى يعاقب الإِنسان على تناوله { أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ } أَى محال السمع وهى الأُذن ومحال البصر وهى الأَبصار أَى العيون والسمع بمعنى الأَسماع بفتح الهمزة ، ويجوز أَن يكون معناه إِدراك الصوت فيقدر وبصر الأَبصار أَى من يملك إِدراك الأَصوات ونظر الأَبصار فيقدر مضاف ، وكان عليّ يقول : سبحان من أَبصر بشحم وأَسمع بعظم وأَنطق بلحم . ويجوز تفسير الملك باستطاعة خلق السمع والبصر وتسويتهما أَو بالحفظ من الآفات مع سرعة تأَثرهما بالفساد بأَدْنى شىءٍ ، وملك الشىءٍ سبب للتصرف فيه بلا يعجز عن التصرف والحفظ له وقوله : أَم من يملك السمع والأَبصار أَعم معنى من قولك أَم من يملك خلق السمع والأَبصار أَو حفظ السمع والأَبصار ، وإِفراد السمع لفظاً لانفراد متعلقه وهو الأَصوات بخلاف البصر وأَخواتهما ، أَو لأَنه مصدر وأَم منقطعة بمعنى الإِضراب الانتقالى بلا استفهام لوجوده بمن بعدها { وَمَنْ يُخْرِجُ الحَىَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَىِّ } الحيوان من النطفة ومن البيضة ومن الماءِ ومن العفونة الميتات ، والنطفة وما فى البيضة وهما ميتات من الحى ، وكذا الحيوان إذا مات فهو ميت خرج من حى هو نفسه قبل الموت فلا يخرج عند ذلك ما مات بعد خروجه من ميت وهو جميع الحيوانات والملائكة من ميت ، وهو النور والتسبيح وإِبليس من ميت هو النار ، بل الملائِكة حيوان بلا طعام ولا شراب ولا منهما والحيوانات خلقت من طعام وشراب ويصدق الميت على الوسائِط كالطعام والنطفة والعلقة والمضغة واللحم والعظم فكل ذلك ميتات ، وفسر بعضهم الآية بالمؤمن من الكافر والعكس ، وليس بظاهر لأَن الآية سيقت وعظاً للمشركين وهم لا يعتبرون ذلك ، والآية شاملة للميت بلا تقدم حياة كالمتعفن الذى هو من تراب أَو وسخ إِذا تولد منه شىءٌ . { وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ } فى كل مخلوق وبين الخلائِق الأَجسام والأَعراض ما مضى وما حضر فى الدنيا وما قبلها وفى الآخرة وما يأْتى وهذا تعميم بعد تخصيص ، ومعنى تدبير الأَمر تحصيله على حسن العاقبة أَو تحصيل أَسبابه وإِيجادها لا تفكر منه والقول به إِشراك لأَنه تضمن جهلا وعجزاً حاشاه ، وهذه خمسة أَسئِلة جوابها منهم كما قال { فَسَيَقُولُونَ اللهُ } ويأْتى سؤال سادس وسابع وجوابهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم بتعليم الله عز وجل له لعدم قدرتهم عليه ، وجواب الثامن لم يذكر ، وإِن جعلنا من يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى واحداً كانت سبعة ، والله خبر لمحذوف تقديره فاعل ذلك كله الله ، أَو هو الله أَو نحو ذلك ، إذ لا يتمكنون من أَن يقولوا فعل ذلك غيره لظهوره وإِقرارهم به قديما وحديثاً { فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } أَى أَتمهلون أَنفسكم فلا تتقون عقابه إِذا كان هو الفاعل لذلك وتتركون عبادة من لا يقدر على شىءٍ .