Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 44-44)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً } لا يجبرهم على عمى القلب ولا يطبعهم عليه ، والإِجبال أَو الطبع نقص لهم والظلم بمعنى النقص ، وشيئاً مفعول به ثان ، فالمعنى لا ينقصهم هدى ، أَو مفعول مطلق أَى لا يظلمهم ظلماً ما قليلا ولا كثيراً { وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } باختيارهم الضلال والخروج عن الفطرة ، وذلك كسب لهم موافق للقضاءِ الأَزلى أَن كسبهم خلق من الله وهم عبيده لا يتصور أَن يكون شىءٌ منه ظلماً لهم مع أَنهم لم يملكوا أَنفسهم بل هو ملكها ، وذلك الذِى ظهر من القدرة على الفعل والترك هو الاختيار منك ، أَو المعنى لا يظلم الناس بالعذاب يوم القيامة ، بل ظلموا بذلك العذاب الذى استوجبوه ، وقدم أَنفسهم للفاصلة ، ولطريق الاهتمام لا للحصر ، لأَنه ما مقابلة لا يظلم الناس شيئاً بالاستدراك ، ولو صح فى نفس الأَمر حصر القلب لقوله إِن الله لا يظلم الناس إِذ زعموا أَن الله أَجبرهم وأَن مشيئته إِجبار وأَن عقابهم مع الإِجبار ظلم ، وقد قال الله تعالى ، { ولكن ظلموا أَنفسهم } [ هود : 101 ] بلا ضيعة ، حصرا وهذا الظلم المنسوب إِلى الله لا يناله وإِنما نال الظلم أَنفسهم ، وهذا حصر المظلومية وحصر الظالمية فى قوله تعالى { ولكن كانوا هم الظالمين } [ الزخرف : 76 ] واختار هنا قصر المظلومية ، وحصر للمبالغة فى بطلان أَفعالهم وسخافة عقولهم ، إِذا فعلوا الشر فى أَنفسهم كمن قتل نفسه ، ويجوز أَن يكون أَنفسهم تأْكيداً للناس كما يقال : ضربت عمراً نفسه عينه ، فيكون حصراً للظالمين ، كأَنه قيل الظالمون هم لا الله تعالى ، فيقدر المفعول به أَى يظلمون أَنفسهم .