Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 80-81)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةَ } لو للتمنى والمصدر من خبر إِن فاعل ثبت وبكم بمعنى عليكم يتعلق بمتعلق لى أَو بلى أَو بقوة لأَنه مصدر لا ينحل إِلى أَن والفعل ، وأَيضا يتوسع فى الظروف أَو حال من قوة ، والمراد القوة على أَن يدفعهم عن اللواط بنفسه أَو بغيره كما قال { أَوْ آوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ } أَنضم إِلى قوم أَقوياءَ أَدفع بهم أَشداءَ ثابتين كالركن للبيت ، بل ركن الجبل ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رحم الله أَخى لوطا كان يأْوى إِلى ركن شديد " رواه البخارى ومسلم . قال ذلك ترحما عليه وشفقة عليه لا استضعافا لقوله ، وكان هو وإِبراهيم من بابل من أَرض العراق من قرية تسمى كوتا أَتيا الشام وهما فيه غريبان ، وأما قوله تعالى : أَخوهم لوطاً فأُخوة بالرسالة إِليهم وأُخوة بلد لا فى الدين أَو النسب ، وهو ابن أَخى إِبراهيم ، وقيل ابن أُخته أَرسله الله إِلى أَهل سدوم من أَرض الشام ، ويقال أَيضا سمى أَخا لهم لمجاورته لهم ومصاهرته لهم ولولادته منهم أَولادا وإِقامته فيهم مدة طويله ، وفى قوله صلى الله عليه وسلم : رحم الله أَخى لوطا إِلخ إِشارة إِلى أَنه لا ينبغى للوط أَن يقول ذلك لأَن ظاهره إِقناط كل من أَن يجد ناصراً من الناس ، وقد قال شعيب أَرهطى أَعز عليكم من الله ، ولا أَقوى من الله ، أَليس الله بكاف عبده ، والإِياس من الناس جائِز والممنوع الإِياس من الله عز وجل ، وما تقدم أَولى ، فإِن التمنى للركن تمن لأَمر شرعى يثاب عليه كمن تمنى سيفا يجاهد به ، وقد قيل أَراد بالركن العشيرة وأُجيز أَن تكون لو شرطية على حد ما مر من تقدير الفعل فيقدر لها جواب ، أَى لدفعتهم كقوله تعالى : { ولو أَن قرآنا سيرت به الجبال } [ الرعد : 31 ] ، وعطف أَوى على ثبت المقدر والمضارع للتجدد أَو على قوة بتقدير أَن الناصبة حذفت ورفع الفعل أَى قوة أَو آويا والقوة بنفسه فى الدفع والأَوى فى الدفع بغيره ، والشرط أَولى من التمنى ، لأَن جوابه المقدر يقبل أَنواعا كالدفع كما ذكرته والمنع والبطش ، ويجوز أَن يكون الركن الشديد الله على أَن أَو بمعنى بل ، فيكون قوله صلى الله عليه وسلم " رحم الله أَخى … إِلخ " مدحا وهو خلاف المتبادر من الآية ، ولما قال من وراءِ الباب مستترا هؤلاءِ بناتى وتضرع إِليهم بالوعظ وذكر الأَوى إِلى ركن شديد من الناس ولم يجده علم أَنه ضعيف فتسوروا عليه ، أَو أَرادوا التسور ، ورأَى الملائِكة كربه قالوا له ما ذكر الله عز وجل عنهم فى قوله : { قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ } ملائِكة أَرسلنا الله إِلى إِهلاكهم فافتح الباب لهم ، وقيل كسروا الباب { لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ } بإِضرارنا لأَن مضرة أَضيافه مضرة له ، فقالوا لن يصلوا إِلى مضرتك ، فدخلوا ودعا جبريل عليه السلام الله أَن يأْذن له فى إِعمائِهم فضربهم بجناح أَخضر فعموا ، فقالوا النجاءَ النجاءَ إِن فى دار لوط سحرة فستعلم يا لوط ما نعاقبك به غدا ، وقال لوط لهم متى هلاكهم فقالوا الصبح فقال أُريد إِهلاكهم الآن . فقالوا أَليس الصبح بقريب { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقطعٍ مِنَ اللَّيْلِ } فى بعض من الليل ، وقيل نصف الليل أَو فى ظلمة من الليل ، وعن ابن عباس آخره قال الله تعالى : نجيناهم بسحر ، ويجاب بأَن سرى أَول الليل ووقعت نجاتهم بسحر ، إِذ جاوزوا البلد المقلوع وذلك السرى لئَلا يسمعوا أَصوات العذاب الذى يقع صبحا ، وسرى بأَهله فى حينه ، وطوى الله لهم الأَرض فى وقتهم ، ووصلوا إِبراهيم ونجوا ، سرى وأَسرى بمعنى ، وقيل أَسرى أَول الليل وسرى آخره { وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ } قال قتادة لا ينظر إِلى ورائِه فيلحقه العذاب الذى يصيب القوم ، والخطاب للأَهل ومقتضى الظاهر ولا يلتفت منهم أَحد بالغيبة ، وذلك على طريق الالتفات وناسبه ذكر لفظ يلتفت ، ويسمى ذلك تسمية النوع وهو أَن يؤتى فى العبارة بنوع من البديع ويذكر اسمه فيها نحو : جردت الأَسود منى إِلى العدو { إِلاَّ امْرَأَتَكَ } استثناءٌ من أَحد بالنصب لأَنه فصيح ، ولو كان الإِبدال أَفصح لتقدم السلب ولا مانع من اتفاق الجمهور على وجه مرجوح لاتفاق حقيقة المعنى ، والمراد أَنكم نهيتم عن الالتفات بعد الخروج إِلا هى فلم تنه فالتفتت وقالت : واقوماه فضربت بحجر وماتت ، ويجوز أَن يكون الاستثناءَ منقطعاً ، أَى لكن امرأَتك تهلك كما هلكوا ، أَو تلتفت فتصاب ولو خرجت معكم ، كما قال { إِنَّهُ } أَى الشأْن { مُصِيبُهَا } خبر مقدم للاستقبال { مَا أَصَابَهُمْ } مبتدأٌ مؤَخر ومعناه الاستقبال ، ووجه لفظ المعنى الإِخبار بأَنهم يصابون بالعذاب قبلها ، وتحقق الوقوع والجملة خبر إِن ، ولا تقل كما قال بعض المحققين مصيبها مبتدأٌ وما خبر ، ولا تقل مصيب خبر إِن وما فاعله لأَن ضمير الشأْن لا يفسره إِلا جملة صريحة خلافا للكوفيين إِذ أَجازوا أَنه ما قائِم أَخواك ، ويجوز إِجماعا أَنه ما قائِم أَخواك وما قائِم أَخوك على أَن أَخوك فاعل قائِم ، ويجوز أَن يكون استثناءً من أَهل فيتعين النصب كما قرأَ ابن مسعود وكتبه فى مصحفه : فأَسر بأَهلك إِلا امرأَتك . فيكون لم يسر بها لكن اتبعهم بلا آمر منه عليه السلام ، وبلا علم منه باتباعها ، أَو مع علمه إِذ لم يأْمرها فلا يضره اتباعها فكانت خلفهم فقالت : واقوماه لما التفتت وأُصيبت ، وهذا ما ظهر لى ، وقيل لم تخرج والاستثناءُ من أَهل ، وقيل المعنى لا يلتفت منكم أَحد أَمر بالإِسراع فإن الإِلتفات ينافيه ويجوز كون معنى لا يلتفت لا يتخلف ، كما روى عن ابن عباس يقال : ألفته عن الأَمر أَى صرفه عنه فتكون غير منهية عن التخلف فلم تسر أَو سرت وأُهلكت على كل حال ، والاستثناءُ من أَهل أَو من أَحد كما مر وتقدم أَنه أَراد عجلة العذاب فى الحين فقال ما ذكر الله عز وجل بقوله { إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ } زمان موعدهم أَى موعد عذابهم ، قال ما موعدهم ؟ قالوا : صبح هذه الليلة ، قال أُريد أَسرع من ذلك قالوا { أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ } جواب الاستبطاءِ غير مذكور .