Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 88-88)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتِ عَلىَ بَيِّنَةٍ } علم وحجة ونبوة ورسالة { مِنْ ربِّى وَرَزَقَنِى } أَى ربى { مِنْهُ } من ربى { رِزْقاً حَسَناً } حلالا غير حرام كما تأْخذونه بالتطفيف والبخس أًفأَشوب الحلال الذى رزقى بالحرام وأَكفر نعمته ، العقل الرشيد لم يقبل ذلك ، وكيف أُقابل النبوة والعلم والرسالة بما يناقضهن وأُخون ، كيف يليق بالحيلم الرشيد أَن يخالف أَمر ربه ونهيه ، واحترز بالحسن عن القبيح وهو الحرام ، فإن الحرام قبيح فمن أَكله فقد أَكل رزقه ويعاقب عليه إِن كان مما يعرف بالعلم ، وشمل الرزق الحسن ما بالكسب بالسهل وما بالكسب الكد وما بلا كسب ، وفسر بعضهم الرزق الحسن بما لا كد فيه ، وبعض النبوة والحكمة لأَنهما سبب تعاطى الحلال خاصة وسبب العيشة الدائِمة فى الآخرة فيكون ردا على قولهم تعاطيت مالا نفع فيه { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنهَاكُمْ عَنْهُ } لا أَفعل ما أَنهاكم عنه فأَكون أَنهاكم عنه ليتخلص لى ولا تشاركونى فيه ، وأَكون قد ذهبت إليه خلفكم أَى بعد إِعراضكم عنه وأَخلفكم فيه ، فهو رباعى فى معنى الثلاثى ، وحاصله ما أُرِيد أَن أَكون خلفا منكم فيما أَنهاكم عنه ، أَو من المخالفة ضد الموافقة ، وإِذا فعلت ما تولى عنه قيل خالفته إِليه ، وعدى بإِلى لتضمنه معنى الميل والسبق كأَنه قيل ، ما أُرِيد أَن أُخالفكم مائِلا إلى ما أَنهاكم عنه كما قدره بعض ، وإذا تركته وهو قاصد إِليه قيل خالفته فيه { إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ } ما أُرِيد بأَمرى لكم ونهيى لكم إلا إصلاح حالكم بدين الله والنصح والوعظ { مَا اسْتَطَعْتُ } ما دمت أَستطيع إِصلاحكم فلو وجدت ما أَنتم عليه صلاحا لكم لم أَنهكم عنه ولم أَتخلف عنه ، ويجوز أَن يكون ما اسما بدلا من الإصلاح ، كأَنه قيل إِلا المقدار الذى أَستطيعه فهو بدل كل بأَن يراد به الإصلاح المذكور لأَنه لا يوجد إِلا ما أُطيق ، أَو الإِصلاح إِصلاح ما استطعته من الإصلاح فهو بدل بعض باعتبار أَن مطلق الإصلاح بحسب مفهومه أَعم من ذلك الإصلاح المقدر ولا يصح هنا بدل الاشتمال فلا تهم ، يجب على العاقل أَن يراعى من الدين الأَهم فالأَهم مما هو حق الله وحق النفس وحق الناس كما فعل شعيب ، قوله يا قوم إِلخ فى حق الله فإن المراد كيف أَشوب الحلال بالحرام وأَكفر النعمة ، وقدم التوحيد وهم أَهم ، وقوله وما أُرِيد أَن أَخالفكم فى حق نفسه يصونها عما يعيبها وقوله : إِن أُريد إِلخ فى حقهم { وَمَا تَوْفِيقِى } ما جنس توفيقى فى إصلاحكم وفى كل ما آتى وما أَذر أَى لا فرد من أَفراد توفيقى ، والمصدر المضاف من صيغ العموم فهو عام إلى الإصلاح المذكور وإصابة الحق وطاعة الله وترك المعاصى { إٍلاَّ بِاللهِ } إلا بهداية الله تعالى ، والتوفيق فعل لله تعالى والباءُ لا تدخل على الفاعل ، وإِذا أَكرمك زيد لم تقل إِكرامى بزيد بل من زيد فيقدر مضافا خروجا عن ذلك أَى إِلا بتأْييد الله { عَلَيْهِ } لا على غيره { تَوَكَّلت } فى جميع أُمورى ومنها أَمركم ، فإِنه القادر عليها وعلى غيرها ، وهذا متضمن للتوحيد إِذ جعل غير الله حاجزا ، وتهديد بأَن الله عز وجل كاف معين لمن توكل عليه ينتقم له { وَإِلَيْهِ } لا إِلى غيره { أُنِيبُ } أَرجع فى المصالح ومنها إِصلاحكم ودفع المضار ، وبالبعث ، وفى الآية الاستعانة بالله فيما يفعل وما يترك وقطع أَطماع الكفار عنه وتهديد بالرجوع إِلى الله بالجزاءِ .