Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 18-18)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كِذبٍ } أَى ذى كذب على أَنه مصدر ، أَو بدم كاذب جدا على أَنه صفة مبالغة أَو صفة للنسب ، أًو وصف بأَنه نفس الكذب مبالغة ، وعلى قميصه حال دم أَجاز بعض تقديم الحال على صاحبها المجرور بحرف ولو كان الحرف غير زائِد ، وأَجاز بعض بشرط أَن يكون الحال ظرفاً كما هنا ، ولا يتعلق بجاءُوا لأَن المجىءَ ليس على القميص ؛ إِنما يقال : جاءَ على الفرس مثلا ، وذكر بعض أَنه لا بأْس بذلك ، وأَن المعنى أَتوا به فوق القميص ، وهو تخيل لا يصح ؛ فإِنه فى هذه العبارة للحال لأَنهم لم يمشوا فوق القميص حقيقة ولا مجازا ، ويجوز أَن يتعلق بجاءُوا على معنى استووا ، ومعنى كذبه أَنه ليس دم يوسف مع أَنه دم تحقيقاً ، روى أَنهم ذبحوا سخلة ، وقيل : ظبيا ولطخوا القميص بدمها وقالوا : هذا دم يوسف ، وذهلوا على أَن يخرقوا القميص أَو يثقبوه ، ولم يوفقوا فى كل حيلهم إِلى حيلة تصح فى النظر ، أَلا ترى كيف فتحوا باب الكذب فى قولهم : { وما أَنت بمؤْمن لنا } [ يوسف : 17 ] ولما جاءُوا بالقميص أَلقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص ، وقال إِنكاراً عليهم : وما رأَيت كاليوم ذئْباً أَحلم من هذا ، أَكل ابنى ولم يمزق عليه قميصه ، ويروى أنهم أَتوا بذئْب وقالوا هذا هو الذى أكله فقال يعقوب عليه السلام أَيها الذئْب أَنت أَكلت ولدى وثمرة فؤَادى ؟ فأنطقه الله - عز وجل - وأَفهمه فقال : والله ما أكلت ولدك ولا رأيته قط ، ولا يحل لنا أَن نأْكل لحوم الأَنبياء ، فقال له : وكيف وقعت فى أَرض كنعان ؟ فقال : جئْت لصلة الرحم ، وهى قرابة لى فأَخذونى وأَتوا بى إٍليك ، فأَطلقه يعقوب ، وفيه وعظ لهم فى قطع الرحم ، وهم عقلاءُ ، وقد وصلها الذئْب من بعيد ، والذين توهم أَنهم أَنبياءُ ، أَو أَراد لحوم أَولاد الأَنبياءَ ، أَو لحوم الأَنبياء يوسف ، والأَنبياء قبله أَو بعده { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسَكُمْ } زينت أَو سهلت من التسويل بمعنى جعل الشىء مسترخياً ، أَو تقدير الشىءِ فى النفس مع الطمع فى إِتمامه والحرص { أَمْراً } عظيماً وهونتموه لم يأْكله الذئْب { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } أَى فأَمرى صبر جميل ، أَو فصبر جميل أمرى ، أَو فصبر جميل أَجمل ، أَو فالذى أفعله صبر جميل ، أَو على صبر جميل ، وفى الحديث : " الصبر الجميل الذى لا شكوى فيه " ، أى لأَحد غير الله ولا جزع ، وأَما إَلى الله على التضرع فجائِز ولو بلغ من الصبر أن لا يشكو إٍليه - عز وجل - وإِلى أَن يفرج به لكان أَولى ، ومراد يعقوب أَن لا يشكو لأًحد ، لا أَن يشكو ولو إٍلى الله لقوله : { إِنما أَشكو بثى وحزنى إِلى الله } [ يوسف : 86 ] روى أَنه سقط حاجباه على عينيه فكان يرفعهما بعصابة ، فقال له جبريل أو غيره ، ما هذا ؟ فقال : طول الزمان وكثرة الأحزان ، فأًوحى الله - عز وجل - إليه : يا يعقوب أَتشكو فقال : يا ربى خطيئَة فاغفرها لى ، وروى أنه لما قال : { إِنما أَشكو بثى وحزنى إِلى الله } [ يوسف : 86 ] قال له جبريل عليه السلام : ربك أَعلم بك { وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ } المطلوب منه الإِعانة { عَلَى مَا تَصِفُونَ } على تحمل ما تصفون ، على ما تصفونه من موت يوسف ، أًو على وصفكم لموته ، وذلك أنه جزع بتصور وصفهم لا بتحقيقه ؛ لأَنه غير متحقق ، وإٍنما جزع بتصوره لأَنه يتضمن تفريقاً بينه وبين يوسف ، والوصف تارة كاذب كما فى الآية ، وفى قوله : { سبحَان ربك } [ الصافات : 180 ] إلخ ، وتارة صادق ، ومعنى استعانته بالله - عز وجل - إِظهار كذبهم كما قال بعد قوله بعد : { فصبر جميل عسى الله أَن يأتينى بهم جميعاً } وقيل : الاستعانة عل تحمل ما تصفون من موته .