Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 4-4)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ } يعقوب بن إِسحاق بن إِبراهيم ، الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إِسحاق بن إِبراهيم ، إِذ قيل : بدل من أَحسن بدل اشتمال ، إِذا جعلنا القصص بمعنى المقصوص وأَحسن مفعول به ، وفيه أَنه لا ضمير فيه يعود إِلى أَحسن ، ويجاب بأَنه إِذا حصلت الملابسة معنى اكتفى بها رابطاً ، ولا يعترض بأَن الوقت لا يقص ؛ لأَن المراد قصة بما وقع فيه فهو مقصوص باعتبار ما فيه ، وليس يعنى الاشتمال المعنوى أَو مفعول لا ذكر ؛ أَى اذكر وقت قول يوسف ، لا متعلق بغافلين كما قيل : لأَنه صلى الله عليه وسلم غير موجود فى زمان يوسف ، فضلا عن أَن يوصف بالغفلة فيه فلا تهم ، ويوسف عبرى فمنع صرفه للعجمة والعلمية ، لا لوزن الفعل والعلمية ، أى لا يوجد فعل مضارع مضموم الأَول والثالث ، وكذلك منع إِذا قرىء بفتح السين كالمبين للمفعول أًو كسرها كمضارع الرباعى لأَنه فيهما أَعجمى أَيضاً بدليل قراءَة الضم ، ولا مانع من كونه من معنى الأَسف بمعنى الحزن مع أَنه عبرى ؛ لأَن العبرية كثيراً ما تقارب العربية ، ويصرف الأَعجمى الثلاثى الساكن الوسط بفتح أَوله أَو كسر أو ضم نحو شيث بكسر الشين وإِسكان الياءِ وبعدها ثاءٌ مثلثة وعاش يوسف مائة وعشرين سنة ، وأَبوه يعقوب مائة وسبعا وأَربعين وجده إِسحاق مائةً وثمانين ، وجده إِبراهيم مائة وخمسا وسبعين ، قال صلى الله عليه وسلم : " الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إِسحاق بن إِبراهيم " ، رواه البخارى ، ووجه الكرم توالى الأَنبياء ، نبى وابن نبى ونبى وأَبى نبى . { يَا أَبَتِ } التاءُ عوض عن ياءِ الإِضافة ، واختيرت التاءُ لأَنها للتأْنيث والياءُ فى هذى وتفعلين وافعلى للتأْنيث مع أَن كلا منهما زيادة فى آخر كغلامِى وقائمة ، وأَما أَن يقتصر فى التعليل على مجرد كونهما زائِدتين فى آخر الاسم فلا ، وأَصل هذه التاءِ تاءُ التأْنيث ولو كانت للتعويض بدليل أن ابن كثير وأَبا عمرو ويعقوب يقفون عليها بالهاءِ ومن لم يراع هذه الأَصالة ، أَو قال إِنها ليست أَصلها التأْنيث وقف بالتاءِ وبه العمل ، وحركت ، قيل : لأَنها عوض عن اسم ، والاسم أَصله الحركة ولو كان هنا ضمير أَصله البناءُ على السكون ، وكانت كسرة لمناسبة الياءِ التى عوضت هى عنها فليقتصر على هذا ، ويترك قولهم حركت لكذا بأَن يقال : حركت بالكسرة لتناسب الكسرة ما عوضت هى عنه ، ولو سكنت أَو فتحت أَو ضمت لم تناسب ، أَويقال : حركت لأَنها حرف صحيح فنزل منزلة الاسم ككاف الخطاب ، وقيل : كسرت بكسر ما قبل الياءِ وفتح ما قبلها ؛ لأَن أَصلها التأْنيث وأَشبهت تاءُ التأْنيث ، وما قبل تاءِ التأْنيث يفتح تحقيقا أَو حكما ، وقيل : هذه التاءُ عوض عن الأَلف المبدلة عن الياء فبقيت الفتحة التى قبل الأَلف والأَصل يا أَبا ، وقال الكوفيون : هى تاءُ تأْنيث غير عوض والياءُ مقدرة بعدها ، وروى بندور يا أَبتى { إِنِّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ } رأى هذه الرؤيا وهو ابن اثنتى عشرة سنة ، وقيل : سبع عشرة ، وقيل : سبع ، وبين هذه الرؤيا وتحقيقها باجتماعه مع أَبويه وإِخوته فى مصر أَربعون سنة عند الجمهور وابن عباس ، وثمانون سنة عند الحسن البصرى ، روى الحاكم فى مستدركه بسنده إِلى جابر ابن عبد الله : أَن يهوديا جاءَ إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أَخبرنى يا محمد عن النجوم التى رآهن يوسف ، فسكت ، فنزل جبريل عليه السلام فأخبره بهن ، فقال : أَلى إِن أَخبرتك تؤمن ؟ قال : نعم ، وقال الجوزى : حديث موضوع ، وقال زرعة : منكر موضوع ، وذكروا أن اسم اليهودى سنان أَو بسنان ، قال : هن جريان - بكسر الراءِ الحرث بن أَبى أُسامة : النطح بدل المصبح ، والضروح - بضاد معجمة وحاءَ مهملة - والفزغ - بغين معجمة - وهو عند الدلو وثاب بالشد ، وذو الكتفين وهو نجم عظيم ، وقدم النجوم هكذا لأَنهن على ترتيبهن فى النزول هكذا ، ثم نزلت الشمس والقمر ولذلك أُخرت فى الآية ، وأَيضاً هما أَبواه ليسا من جنس الأُخوة المعبر عنها بالنجوم وإخوته أَنسب بالسجود له من أَبويه لعظمهما فأَخرا لأَن سجودهما أَبلغ ولأَنهما لم يجنيا عليه كإِخوته ، قال صلى الله عليه وسلم لليهودى : نزلت من السماءِ فسجدت ونزلت الشمس والقمر فسجدا له ، فقال : والله إِنها لأَسماؤها ، ولم يذكروا أَنه أَسلم ( وضبط تلك الكواكب وتفسير ما فسر منها ليس من الحديث ) وقدم الشمس لأَنها أَعظم جرما وضوءاً وأَكثر نفعا وأَرفع مكانا لأَنها فى السماءِ الرابعة ، والقمر فى الأُولى ؛ ولأَن نوره منها على ما شهر ، وكذا قدمت فى سائٍر القرآن ، والشمس أَبوه لتلك الفضائل ، وقيل : أُمه للتأْنيث ، وكأَنه قال يعقوب له : ما شأنهن إِذ رأَيتهن ؟ فقال : على الاستئْناف البيانى { رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ } لم يقل : رأيتهن ، أَو رأَيتها ، ولا ساجدات , وساجدة أَو ساجد ؛ لأَنهن منزلة منزلة الذكور العقلاءِ ؛ لأَنهن الإِخوة والأَبوان ؛ ولأَن السجود من فعل العاقل ، والأَب يغلب على الأُم لذكورته ، وكذا الإِخوة ، ويجوز أَن يكون رأيتهم تكريرا للأول ، كرر للفضل ولتجديد العهد وتطريته كما أُعيد أَنكم لذاك فى قوله تعالى : { أَيعدكم أَنكم } [ المؤمنون : 35 ] الآية ، وعلى هذا ليس من الاستئناف البيانى ، وساجدين ، وحال للأَول وعلى الاستئناف البيانى لم يعمل رأيت الأَول فى حال ولم يؤت له بحال ، بل أَجملت الرؤيا وجىءَ بالحال الثانى ، والسجود الخضوع أَو حقيقته لكنه لله ويوسف قبلة ، وهذا خضوع أَيضا شبههن بعقلاءِ ورمز للتشبيه بلازمهم وهو السجود فذلك مكنية أَو شبه أَحوالها بأَحوال الساجدين فذلك تمثيلية .