Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 58-59)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ } العشرة دون بنيامين من ثغور الشام من فلسطين أَهل بادية وإِبل وشياه إِلى مصر ليشتروا الطعام ، لما سمعوا هم وأَبوهم بملك فى مصر حسن السيرة يبيع الطعام ، وأَخبرهم أَبوهم عليه السلام { فَدَخلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ } بأَول نظرة بدليل فاءِ فعرفهم ، كما قال ابن عباس ومجاهد : كما دلت عليه الفاءُ ، ولم يؤثر فيه بعد عهدهم لبقاءِ الشكل وتشابه أَحوالهم بأَحوالهم السابقة ، ولكنه كان مهتماً بهم وبالاطلاع على أَحوالهم ، ولا سيما وقت القحط ، وكان مترقباً لتأْويل رؤْياه ، وليس كما قيل أَنهم انتسبوا له نحن بنو فلان حين أَرادوا الدخول ، وترده الفاءُ الثانية فمعرفته بعد دخولهم ، إِلا بتأَويل دخلوا بإِرادة الدخول ، ولا دليل له حيث لا معتمد على صحة انتسابهم عند إِرادة الدخول ، وقال الحسن : لم يعرفهم حتى تعرفوا إِليه ، وترده الفاءُ الدالة على الاتصال ، والتأْويل يحتاج لدليل صحيح { وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ } لا يعرفونه لبعد العهد ، وظنهم أَنه مات فى برية أَو فى عبودية ، فارقوه منذ أَربعين سنة ، وأيضاً رأَوه على السرير فى زى الملوك متوجاً فى عنقه طوق ذهب حتى أَنه لو قيل هذا يوسف لأَنكروه ، ولذلك - والله أعلم - وهم إِياه لا يعرفون ، وقيل : كلمهم من بعيد أو من وراء ستر ، أَو بالواسطة مع الستر أَو البعد ، أَو الله منعهم من معرفته مع المقابلة كما وعده الله - عز وجل - أَنه { لتنبئَنهمْ بأَمرهم هذا وهم لا يشعرون } [ يوسف : 15 ] فذلك معجزة ، وصرحوا ليوسف أَنه مات فى برية فيما روى أنهم كلموه بالعبرية فقال زاجرا : لم جئْتم ؟ قالوا : للميرة ، قال : لعلكم عيون ؟ قالوا : معاذ الله … قال : من أَين ؟ قالوا : من كنعان ، وأَبونا يعقوب نبى الله ، قال : كم أَولاده ؟ قالوا : اثنا عشر هلك أَصغرنا وأَحبنا إِليه فى البرية ، وأَبقى شقيقه عنده ليتسلى به ، فأَنزلهم وأَكرمهم وقال : من يشهد ؟ قالوا : نحن فى بلدك غريبون ، قال : فأْتونى بأَخيكم إِن صدقتم واتركوا أَحدكم هنا ، فوقعت القرعة على شمعون ، وقد أَبى من إِلقائِه فى الجب وخالفوه ، وقيل : اختاره بلا قرعة لأَنه أًحسن إِليه ، ويقال : قال لهم لعلكم عيون تنظرون عورة بلدى ، قالوا : لا ، نحن أَولا د نبى الله تعالى ، قال : إِيتوا بمن يشهد لكم أَنكم لستم عيوناً ، قالوا : نحن غرباءُ لا يعرفنا أَحد ، قال : فدعوا عندى أَحدكم رهنا ، ولم يجزم بأَنهم عيون فلا بهت لأَنه قال : لعلكم عيون ، ولو يقل أَنتم عيون ، فيكون أباح الله هذا القدر ، ولما قالوا : أَولاد يعقوب ، طلب أخاهم ، ويقال : ينقر الصواع ويطن ، ويخبرهم بأَن الصواع يخبره بما فعلوا مع يوسف أَخيهم ، ورجع الباقون إِلى الشام بالميرة كما قال { وَلَمَّا جهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ } هيأَ لهم ما يحتاجون إِليه فى رجوعهم من الكيل الذى جاءُوا لأَجله وزيادة ، أَعطى لكل واحد بعيراً من الطعام ، وأَما البيع فلا يبيع لأَحد إَلا حمل بعير فلعله عدَّ لكل واحد بيع حمل بعير ، وقال إِنه يعطى كل إنسان جاءَ حملا ، وطلبوا حملا للأَخ الباقى عند أَبيهم بارتهان أَحدهم ليرجعوا به وليثبت لهم الحمل الذى أَعطاهم من أَجله { قَالَ ائْتُونِى بِأَخٍ لَكُم مِّنْ أَبِيكُمْ } لأَرى صدقكم ، ولا أَبيع لكم مرة أخرى إذا جئْتم وهو بينامين ، لم يقل بأَخيكم من أَبيكم لأَن هذا يناسب أنه عارف به ، وهو لا يريد أن يعرفوا أًنه عرفه ، فناسب أن يقول : بأَخ لكم ، وهذا ولو كان لا يلزم لكن التفسير به هنا صحيح ، ولا يعطله قوله من أبيكم ، فإنه يصح إِخفاءُ أَنه عارف به ولو من أبيكم كما تقول فى التنكير جىءَ بغلام لك من قريش ، فتكون تريد بعض بيان مع بقاء التنكير ، وذلك إِطناب كقوله { ورضوان من الله } [ التوبة : 72 ] { أَلاَ تَرَوْنَ أَنَّى أَُوفِ الْكَيْلَ } المضارع للاستمرار فهم رأَوه أَوفى لهم ولغيرهم وسمعوا بإِيفائِه ، وأَيضاً رأَوه أَوفى لكل واحد وهم عشرة وللحادى عشر الغائِب بنيامين ، وحذفت ياءُ أَوف الكيل فى الخط كما حذفت فى اللفظ لالتقاءِ الساكنين رجوعا إِلى الأَصل فى بعض المواضع { وأَنَا خَيْرُ المُنْزِلِينَ } للأَضياف كما رأَيتم فعلى معكم ومع غيركم ، وكما سمعتم أَحسن إِلى الضيف بالمنزل والإِكرام أَو أَرادهم خاصة فى الجملتين ، وإِنما قال ذلك جلباً وحثاً على أَمرهم به لا امتنانا .